الثاني : إن الظن غير المعتبر ، إن علم بعدم اعتباره بالدليل ، فمعناه أنّ وجوده كعدمه عند الشارع ، وأن كلما يترتب شرعا على تقدير عدمه فهو المترتب على تقدير وجوده ، وإن كان مما شك في اعتباره ، فمرجع رفع اليد عن اليقين بالحكم الفعلي السابق بسببه إلى نقض اليقين بالشك ، فتأمّل جيدا.
______________________________________________________
فقوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» مع قطع النظر عما ورد في تلك الأخبار بنفسه يدلّ على اعتبار الاستصحاب مع عدم العلم بانتقاض الحالة السابقة سواء كانت الباء بمعنى مع أو كانت للسببية فيكون قوله عليهالسلام فيما بعد «ولكن تنقضه بيقين آخر» إرشادا إلى انتفاء الموضوع للاستصحاب مع اليقين بالخلاف وأما إذا لم يكن الشك في قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» ظاهرا في نفسه في عدم العلم بل احتمل كونه مقابل العلم والظن أو كان ظاهرا في حصول الاحتمال المساوي لاحتمال الطرف الآخر فلا يكون قوله عليهالسلام بعد ذلك : «ولكن تنقضه بيقين آخر» دليلا على أن المراد من الشك في الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك هو عدم العلم فإن ذكر الناقض الواحد وسكوته عن غيره لا يكون من الإطلاق اللفظي الذي مقتضى الأصل في كلام كل متكلم صدر عنه الكلام بل هو من الإطلاق المقامي الذي يحتاج ثبوته إلى قيام القرينة.
وما ذكره من أن قوله عليهالسلام «ولكن تنقضه بيقين آخر» ظاهره كونه في مقام تحديد وحصر ما ينقض به اليقين السابق مجرد دعوى فإن ظاهره أن الشك ينقض باليقين بالخلاف ، وأما أنه هو الناقض الوحيد فلا قرينة على ذلك. نعم ، يدلّ على جريان الاستصحاب مع الظن بالخلاف فضلا عن الظن بالوفاق فقرتان من صحيحة زرارة الواردة في الوضوء إذا شك بعده في النوم ، إحداهما : قوله عليهالسلام ـ بعد السؤال عن نقض وضوء من حرك في جنبه شيء وهو لا يعلم ـ : «لا» فإن جواب الإمام عليه