اتصف بالجزئية أو الشرطية ، وإن أنشأ الشارع له الجزئية أو الشرطية ، وجعل الماهية واختراعها ليس إلّا تصوير ما فيه المصلحة المهمّة الموجبة للأمر بها ، فتصورها بأجزائها وقيودها لا يوجب اتصاف شيء منها بجزئية المأمور به أو شرطه قبل الأمر بها ، فالجزئية للمأمور به أو الشرطية له إنما ينتزع لجزئه أو شرطه بملاحظة الأمر به ، بلا حاجة إلى جعلها له ، وبدون الأمر به لا اتصاف بها أصلا ، وإن اتصف بالجزئية أو الشرطية للمتصور أو لذي المصلحة ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
إثباتا فإن كان القيد أمرا وجوديا يطلق عليه الشرط أو السبب ، وإن كان أمرا عدميا يعبّر عن وجوده بالمانع ، وإن كان قيدا لاستمراره وبقائه يعبر عنه بالرافع أو الغاية ، وكل ذلك يكون بلحاظ المولى عند إنشائه التكليف على المكلف بنحو القضية الحقيقية المعبر عنه بمقام الجعل ، وبهذا يظهر إمكان الشرط المتأخر بالإضافة إلى نفس التكليف ، وعلى ذلك فيمكن أن يكون الشيء بتحققه موضوعا للحكم المقارن له أو بتحققه السابق أو المتأخر ، وبهذا صححنا سابقا الشرط المتأخر للتكليف.
ومما ذكرنا يظهر أنه لا فرق بين السببية للتكليف والشرطية له فكل منهما ينتزع عن كون شيء قيدا لموضوع التكليف والحكم فيقال : الاستطاعة شرط لوجوب الحج ، والتقاء الختانين أو الإنزال سبب لوجوب غسل الجنابة. وعلى الجملة الشرطية والمانعية للتكليف نظير الشرطية والمانعية والجزئية للمأمور به تنتزع عن إنشاء التكليف وجعله ، وفي ذلك المقام يؤخذ الشيء قيدا في ناحية موضوع التكليف والوضع أو في ناحية متعلق التكليف أو موضوع الوضع والفرق بينهما أن كون شيء شرطا وقيدا للتكليف لدخالته في صلاح الفعل ، ولذا قد يكون أمرا غير اختياري ، ويعتبر التكليف على تقدير حصوله بخلاف القيد أو الجزء لمتعلق التكليف فإن حصوله دخيل في استيفاء الملاك أو لقيام الملاك به وبغيره كما في