كما لا ينبغي النزاع في صحة تقسيم الحكم الشرعي إلى التكليفي والوضعي ، بداهة أن الحكم وإن لم يصح تقسيمه إليهما ببعض معانيه ولم يكد يصح إطلاقه على الوضع ، إلّا أن صحة تقسيمه بالبعض الآخر إليهما وصحة إطلاقه عليه بهذا المعنى ، مما لا يكاد ينكر ، كما لا يخفى ، ويشهد به كثرة إطلاق الحكم عليه في كلماتهم ، والالتزام بالتجوز فيه ، كما ترى.
وكذا لا وقع للنزاع في أنه محصور في أمور مخصوصة ، كالشرطية والسببية والمانعية ـ كما هو المحكي عن العلامة ـ أو مع زيادة العلية والعلامية ، أو مع زيادة
______________________________________________________
الخاص الموجب للقصر أو مع زيادة الصحة والبطلان والعزيمة والرخصة أو أن الحكم الوضعي لا ينحصر عليها بل كل ما ليس من التكليف مما له دخل فيه أو موضوع له أو متعلق له أو حتى ما لم يكن له دخل فيه ولكن يصح إطلاق الحكم عليه فهو وضع ، والوجه في عدم كون البحث في هذه الجهة مهما ما يأتي من عدم ترتب ثمرة عملية على انحصاره على ما ذكر وعدم انحصاره عليه بل المهم البحث في أن الحكم الوضعي كالتكليف مجعول بنفسه أو أنه مجعول تبعي يكون بتبع إنشاء التكليف أو أنه غير مجعول أصلا.
أقول : لم يظهر الفرق بين العلية والسببية لتزداد الاولى على الثانية ، ولم يظهر أيضا كون العزيمة أو الرخصة وضعا فإن العزيمة تطلق في موارد سقوط التكليف المتعلق بالفعل رأسا بحيث لا تبقى مشروعيته كسقوط التغسيل عن الميت الشهيد ، وسقوط وجوب التمام في حق المسافر ، والأذان للصلاة فيمن حضر للصلاة في المسجد بعد تمام صلاة الجماعة وقبل تفرق الصفوف إلى غير ذلك مما لا يكون تكليف متعلق بالفعل ولو ندبا بحيث أمكن الإتيان به بنحو قربي ، واخرى يتعلق به تكليف تخييري أو استحبابي بعد سقوط الوجوب التعييني. وأما الصحة والفساد