وأنه لا مجال هاهنا للبراءة عقلا ، بل كان الأمر فيهما أظهر ، فإن الانحلال المتوهم في الأقل والأكثر لا يكاد يتوهم هاهنا ، بداهة أن الأجزاء التحليلية لا يكاد يتصف باللزوم من باب المقدمة عقلا ، فالصلاة ـ مثلا ـ في ضمن الصلاة المشروطة أو الخاصة موجودة بعين وجودها ، وفي ضمن صلاة أخرى فاقدة لشرطها
______________________________________________________
الرواية عدم سقوط التكليف بالصلاة مع القراءة التامة ، أضف إلى ذلك أن مدلولها تنزيل السين منزلة الشين لا التنزيل في مطلق ألفاظ القراءة ، وثانيا : أن التمثيل للمقام بمسألة القراءة والايتمام غير صحيح ، فإن الواجب على المكلف طبيعي الصلاة ، فللمكلف أن يوجد الطبيعي في ضمن أي فرد ، وكما أن الإتيان بالصلاة في أول الوقت أو في المسجد وغير ذلك من أفراد الطبيعي كذلك الصلاة فرادى أو الإتيان بها جماعة ، وكما أنّه مع عدم التمكن من بعض الأفراد يتعين الإتيان بالطبيعي ولو في ضمن الفرد المتمكن منه ، كذلك مع عدم التمكن من الفرادى يتعين الإتيان بالايتمام ؛ لأنّ الامام يتحمل القراءة فيكون متمكنا من الفرد الصحيح من الطبيعي ، هذا مع الإغماض عن نصوص كثيرة واردة تدل على جواز اكتفاء المكلف في قراءته في الصلاة بما يحسن وما يتيسر من القرآن ، ولو لا هذه النصوص كان مقتضى القاعدة لمن لا يتمكن من القراءة الصحيحة تعين الايتمام.
أقول : لو كانت صلاة الفرادى فردا وصلاة الجماعة فردا آخر من الواجب ، كالصلاة في البيت والمسجد وأول الوقت وغير ذلك لكان ما ذكر صحيحا ، ولكن ظاهر ما ورد في الصلاة جماعة أنها فعلان ، صلاة وتبعية ، واختلاف الصلاة فرادى مع الصلاة جماعة ، بأن الأول فعل واحد والثاني فعلان ، أحدهما : واجب تعبدي ، والثاني : مستحب توصلي ، غاية الأمر الفعل الثاني مسقط للقراءة المعتبرة في الصلاة ، وعليه فأصالة البراءة عن وجوب الايتمام لغير المتمكن من القراءة لا موجب لرفع