.................................................................................................
______________________________________________________
دار أمر الفعل بين كونه مباحا أو مستحبا مسقطا للواجب ، أو كونه عدلا مسقطا للواجب فمقتضى الاشتغال الإتيان مع التمكن من الواجب الإتيان به لا بذلك الفعل ؛ لأنه يحتمل أن تكون مسقطيته للواجب من باب تفويت ملاكه ومانعيته عن استيفائه ، وإذا لم يتمكن مما علم بتعلق الوجوب به فمقتضى أصالة البراءة عدم لزوم الإتيان بذلك الفعل الآخر ، وذكر قدسسره قبل التعرض للفروض الثلاثة فرضا آخر ، وهو الشك في أصل ثبوت التكليف المردد بين كونه تعيينيا أو تخييريا ، كما إذا شك في كون الارتماس في نهار شهر رمضان هل يقتضي وجوب الكفارة أم لا ، وعلى تقدير اقتضائه هل يقتضي كفارة معينة أو المخيرة بين الخصال ، وأنه لا ينبغي التأمل في رجوعه إلى أصالة البراءة ؛ لأنّ الشك في أصل جعل التكليف على المرتمس في نهاره ، والتزام الشيخ قدسسره بأن الاشتغال ليس راجعا إلى هذا الفرض ، فما نسبه بعض إلى ظاهر كلام الشيخ من الرجوع إلى قاعدة الاشتغال في هذا الفرض أيضا لا أساس له ، والوجه في كون المرجع قاعدة الاشتغال في الفروض المتقدمة هو أن التعيين في التكليف وإن كان ضيقا.
وبتعبير آخر الصفة التعيينية في التكليف تقتضي الضيق على المكلّف ، ولذا التزم بعض بجريان البراءة عن التكليف التعييني بالفعل ، ولكن هذه الصفة ليست أمرا مجعولا مرتبطا بالتكليف المتعلق بالفعل ، بل التعيينية تنتزع للتكليف من عدم التكليف بالفعل الآخر عدلا ، فإن تعلق التكليف بالفعل الآخر عدلا يكون التكليف المعلق بالفعل تخييريا وإن لم يتعلق التكليف بالفعل الآخر كذلك يكون وجوبه تعيينيا ، فلو فرض جريان البراءة عن التكليف بالآخر وإن لم يجر لكونها على خلاف المنّة ، كان مقتضاها كون الوجوب المتعلق بهذا الفعل وجوبا تعيينيا.