من كلّ مسألة مسألة منها ولو على سبيل القلّة بلا انضمام مسألة اخرى إليها من مسائل علم الاصول نفسه أو مسائل بقيّة العلوم الأخر».
هذا مضافا إلى ما في «بحوث في علم الاصول» من أنّ جملة من بحوث علم الاصول تحتاج دائما إلى ضمّ كبرى اصوليّة إليها لكي يتمّ الاستنباط كالمسائل المرتبطة بتشخيص أقوى الظهورين عن أضعفهما في باب العمومات والمطلقات أو في باب المنطوق والمفهوم فإنّها تنقّح صغرى أقوى الدليلين التي تكون بحاجة إلى ضمّ كبرى قواعد الجمع العرفيّ وملاكات الترجيح الدلاليّ في مقام المعارضة بين الأدلّة. (١)
اللهمّ إلّا أن يقال كما في مصابيح الاصول أيضا من أنّ مرتبة علم الاصول متأخّرة عن بقيّة العلوم العربيّة فإنّ كلّ مسألة اصوليّة في حدّ ذاتها قبل استنباط الحكم واستحصال النتيجة منها لا بدّ من معرفة معناها والوقوف على مادّة القاعدة وهيأتها التركيبيّة منها والبسيطة وكيفيّة طريق استحصال النتيجة من انضمام الصغرى إلى الكبرى وهذه الامور يتكفّل البحث عنها علم النحو والصرف واللغة والمنطق وسائر العلوم العربيّة الاخرى فالأحرى على كلّ من طالب دراسة الاصول أن يقرأ العلوم العربيّة مقدارا يتأتّى منه الغرض المذكور وأمّا رتبة علم الاصول بالإضافة إلى الفقه فإنّ الاصول مقدّم على الفقه تقدّما رتبيّا لا فضيلة وشرفا والوجه فيه أنّ الاصول كما عرفت مباد يتوصّل بها إلى الحكم الشرعيّ وهو متقدّم عليه فالمتحصّل أنّ علم الاصول وسيط بين الفقه وسائر العلوم العربيّة فهو كالجزء الأخير من العلّة التامّة للاستنباط وسائر العلوم العربيّة كالمقتضي والمعدّ للعلّة. (٢)
ولكن لا يخلو ذلك عن الإشكال أيضا وهو أنّ بين العلوم المذكورة ليس ترتّب
__________________
(١) بحوث في علم الاصول ١ / ٢٨.
(٢) مصابيح الاصول ١ / ١٠.