أدلّة الأعمّيّ :
ولا يخفى عليك أنّه نسب في هداية المسترشدين القول بالأعمّ إلى العلّامة في غير موضع من النهاية وولده فخر المحقّقين في الإيضاح والشهيد الثاني والشيخ البهائيّ وجماعة من الفضلاء المعاصرين من الخاصّة وإلى القاضي ابي بكر وابي عبد الله البصريّ وغيرهم من العامّة واستدلّوا لذلك بوجوه :
الأوّل : التبادر بدعوى أنّه لا يتبادر من ألفاظ العبادات إلّا معظم الأجزاء اورد عليه بأنّ تصوير الجامع على القول بالأعمّ مشكل ومعه كيف يصحّ دعوى التبادر لأنّ التبادر فرع إمكان تصوير الجامع وهو أوّل الكلام.
وفيه : أنّ الإشكال في إمكان تصوير الجامع لا وقع له بعد ما مرّ من صحّة تصوير الجامع بمعظم الأجزاء والشرائط بنحو الإبهام واللابشرط فراجع.
فالمنساق بعد إمكان تصوير الجامع هو الأعمّ من الفاسد كما ذهب إليه استاذنا المحقّق الداماد قدسسره تبعا لما في الدرر من أنّ الإنصاف أنّا لا نفهم من الصلاة ونظائرها إلّا الحقيقة التي تنطبق على الصحيح والفاسد. (١)
ولكن مع ذلك لا يخلو الاستدلال بالتبادر في المقام عن إشكال وهو كما مرّ في دعوى تبادر الصحيح احتمال أن يكون التبادر غير مستند إلى حاقّ اللفظ وعلى تقدير التسليم يمكن أن يكون اطلاقيّا وحاصلا من كثرة الاستعمال فلا دليل لنا لإثبات كونه كذلك في صدر الإسلام وفي استعمالات الشارع.
وممّا ذكر يظهر كيفية الاستدلال بعدم صحة السلب عن الأعم أو الفاسد والإشكال فيه بما أورد على التبادر فلا حاجة إلى ذكره.
اللهمّ إلّا أن يراد بالتبادر تبادر معظم الأجزاء بعد معلومية اتّحاد طريقة الشارع
__________________
(١) الدرر ١ / ٥١.