لأنّا نقول : نعم ولكن الكلّيّ هو طرف الإنشاء إذ المنشأ بقوله اضرب البعث نحو الضرب والبعث الجزئيّ وإنّما الكلّيّ هو المبعوث إليه وهو الضرب فلا تغفل.
كما أنّه لا مجازفة في أن يقال إنّ الوضع في هيئة الجمل الخبريّة أيضا كذلك لأنّ الحكاية التي تكون داخلة في حريم المعاني ليست معنا مستقلّا كالأسماء بل هي أمر كالمعاني الحرفيّة ولذا يلتفت المخبر إلى المخبر به لا إلى إخباره فنفس الحكاية كالإشارة والإنشاء جزئيّ وغير ملتفت إليها بخلاف المحكيّ.
ثمّ ذهب المحقّق العراقيّ على ما في تقريراته إلى أنّ الجمل الإنشائيّة كالجملة الخبريّة حاكية وإنّما الفرق بينهما بالمحكي عنه لا بالحاكي. حيث قال : والتحقيق أنّ الفرق بين الإنشاء والإخبار في مثل تلك الجمل المزبورة (أراد بالإشارة إلى الجمل المزبورة الجمل المشتركة مثل قولهم بعت ، ثمّ ألحق بهذه الجمل المشتركة الجمل المختصّة كافعل وقمت) إنّما هو بالمحكيّ عنه لا بالحاكي وذلك لأنّ كلّ جملة يكون لها محكيّ عنه بالذات ومحكيّ عنه بالعرض ، أمّا المحكيّ عنه بالذات فهو نفس المفهوم الذي تتصوّره النفس عند تصوّر الجملة الحاكية وأمّا المحكيّ عنه بالعرض فهو نفس الخارج الذي يفني المتكلّم بتلك الجملة مفهومها فيه وإلّا كان قاصدا لنفس النطق والتلفّظ غير قاصد للكشف به عن معنى ما في الخارج ومثل هذا الكلام لا يوصف بالإنشاء ولا بالإخبار وإنّما يوصف بهما الكلام الذي قصد المتكلّم إفناء مفهومه في المحكيّ عنه بالعرض فالخبر والإنشاء يشتركان في هذا القدر من الحكاية والمحكيّ عنه وإنّما يفترق الخبر عن الإنشاء بكون المحكيّ عنه بالعرض في الخبر في مثل بعت وأنت حرّ الطبيعيّ المنطبق على أمر جزئيّ خارجيّ مفروغ الوجود موضوعا كان أو محمولا أو نسبة يريد المتكلّم بكلامه الكشف عنه وإعلام السامع به ولو بتعدّد الدالّ والمدلول. إلى أن قال : لهذا تجدهم يقولون إنّ الخبر ما كان لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه وهذا بخلاف الإنشاء فإنّه يحكي بهيئته ومادّة المسند فيه عن طبيعيّ النسبة