الآتي لا يضرّ بجريان أصالة عدم النقل قبل حصول النقل لتحقّق أركانها من العلم بالحجّة والشكّ في ارتفاعها كذلك العلم الإجماليّ بأصل النقل والاستعمال والشكّ في تقدّم أحدهما على الآخر لا يمنع عن جريان أصالة عدم النقل لتحقّق أركانها من العلم بالحجّة والشكّ في ارتفاعها إلى زمان الاستعمال.
هذا كلّه فيما إذا دار الأمر بين الحقيقة وإحدى أو أزيد من الأحوال المذكورة.
دوران الأمر بين نفس الأحوال : بعد العلم بعدم الاستعمال في الحقيقة
إذا دار الأمر بين نفس الأحوال ففي الكفاية أنّ الاصوليّين وإن ذكروا لترجيح بعضها على بعض وجوها إلّا أنّها استحسانيّة لا اعتبار بها إلّا إذا كانت موجبة لظهور اللفظ في المعنى لعدم مساعدة دليل على اعتبارها بدون ذلك. انتهى
أشار إلى بعض هذه الوجوه الاستحسانيّة في مبادئ الاصول حيث قال : النقل أولى من الاشتراك لاتّحاد المعنى في النقل دائما فيحصل الفهم بخلاف المشترك. والمجاز أولى من الاشتراك لأنّ اللفظ إن تجرّد عن القرينة حمل على الحقيقة وإلّا فعلى المجاز والإضمار أولى من الاشتراك لأنّ صحّته مشروطة بالعلم بتعيينه بخلاف المشترك. والتخصيص أولى من الاشتراك لأنّه خير من المجاز والمجاز أولى من النقل لافتقار النقل إلى الاتّفاق عليه بين أهل اللغة والإضمار أولى منه لما تقدّم والتخصيص أولى من النقل لأنه خير من المجاز والمجاز أولى من الإضمار لكثرته والتخصيص أولى من المجاز لاستعمال اللفظ مع التخصيص في بعض موارده ومن الإضمار لأنّه أدون من المجاز. (١)
ومن المعلوم أنّ هذه الوجوه لا اعتبار لها إلّا إذا أوجبت ظهورا للفظ في المعنى بسبب الأقربيّة أو كثرة الاستعمال حتّى صار اللفظ مع القرينة الصارفة عن المعنى
__________________
(١) مبادئ الاصول : ٧٥.