إطباقهم على أنّ المعنى المصطلح عليه عند الخاصّة والعامّة هو اتّفاق جميع الأمّة من أرباب الحلّ والعقد وهو ظاهر. (١)
الحكمة لا تقضي الاختصاص
وفيه أنّا نمنع حصر الحكمة الداعية في وضع الألفاظ لخصوص المركّبات التامّة دون الناقصة لعدم ندرة الحاجة إلى استعمال ألفاظ المركّبات في الناقص أيضا فكما أنّ الحكمة تقضي الوضع للمركّبات التامّة كذلك تقضى الوضع للمركّبات الناقصة التي تحتوي معظم الأجزاء أو الأركان الأربعة فالحكمة دليل الأعمّ.
ولذلك قال في بدائع الأفكار إنّا لا نسلّم أنّ العقلاء لا يسمّون في مقام الاختراع إلّا الماهيّة التامّة من حيث الأجزاء والقيود بنظر المخترع لأنّ الغرض من التسمية هي سهولة تفهيم المخاطب ما يريد المتكلّم إفهامه إيّاه ولا شبهة في أنّ العاقل المخترع كما يتعلّق له غرض بالحكم على الصحيح التامّ من مخترعاته فكذلك يتعلّق له غرض بالحكم على الناقص وعلى الأعمّ منه ومن الصحيح من مخترعاته ولا جامع لهذه الأغراض إلّا الوضع للقدر الجامع بين الصحيح والناقص وهو المعنى الأعمّ والشاهد على ذلك هو الوجدان فإنّا نجدهم يستعملون أسماء مخترعاتهم في ناقصها كما يستعملونها في تامّها بلا عناية. (٢)
وهكذا قال الفاضل الايروانيّ قدسسره إنّما يكون قضية الحكمة ذلك إذا كانت الحاجة إلى استعمال اللفظ في الناقص نادرة ولكنّها ممنوعة فإنّها إن لم تزد على الحاجة إلى استعمالها في التامّ لم تنقص عنها. (٣)
فحكمة الوضع لا تقضي باختصاص الوضع للصحيح كما لا يخفى فحصر الحكمة في
__________________
(١) تقريرات الشيخ / ٩.
(٢) بدائع الأفكار ١ / ١٣٧.
(٣) نهاية النهاية ١ / ٤٣.