يكون نفس المعنى كأنّه الملقى إلى المخاطب بالاستعمال باعتبار أنّ اللفظ من مراتب وجود المعنى ولذا يسري إليه قبحه وحسنه ومن المعلوم أنّ استعمال اللفظ بهذا المعنى لا يمكن إلّا في معنى واحد ضرورة أنّ لحاظ اللفظ هكذا عند إرادة معنى ينافي لحاظه كذلك عند إرادة معنى آخر. وجه المنافاة هو تبعيّة لحاظ اللفظ بالنسبة إلى لحاظ المعنى وفنائه فيه فناء الوجه في ذي الوجه والعنوان في المعنون ومع كون اللفظ هكذا بالنسبة إلى معنى كيف يمكن إرادة معنى آخر معه كذلك في استعمال واحد مع استلزامه للحاظ آخر غير لحاظه كذلك في هذا الحال والحاصل أنّه لا يكاد يمكن في حال استعمال واحد لحاظ اللفظ وجها لمعنيين وفانيا في المعنيين أو الأزيد.
وأوضح المحقّق الأصفهانيّ قدسسره وجه الاستحالة بقوله : والشاهد عليه عدم صحّة الحكم على اللفظ بما هو في حال الاستعمال فيعلم منه أنّ النظر بالذات إلى المعنى وأنّ اللفظ آلة لحاظه ولا يعقل أن يكون آلة اللحاظ في حال كونه كذلك ملحوظا بلحاظ آخر لا آليّا ولا استقلاليّا لامتناع تقوّم الواحد بلحاظين حيث أنّه من قبيل اجتماع المثلين أو لامتناع الجمع بين اللحاظين في لحاظ واحد للزوم تعدّد الواحد ووحدة الاثنين. (١)
فاللفظ الواحد يستحيل أن يلاحظ باللحاظين الآليّين لأنّ ذلك يئول إلى اجتماع المثلين في شيء واحد وهو اللفظ والوجود الواحد لا يتحمّل وجود المثلين كما أنّ الجمع بين اللحاظين في لحاظ اللفظ الواحد يلزم تعدّد اللفظ الواحد وهو خلف أو وحدة الاثنين أعني اللحاظين وهو أيضا خلف وجمع اللحاظين في اللفظ الواحد مع بقاء اللفظ على وحدته واللحاظين على تعدّدهما محال.
وفي هذا الوجه نظر لأنّ المراد بالفناء إمّا الفناء الحقيقيّ بحيث لا يبقى إلّا شيئيّة
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ٨٨.