وثانيها : أنّا نمنع عدم مساعدة العرف بكون الصحّة أمرا إضافيّا وسيأتي إن شاء الله منع دخالة الشرائط التي تأتي من قبل الأمر أو الشرائط العقليّة المحضة مثل اشتراط كون المأمور به غير مزاحم بضدّه الأهمّ أو كونه غير منهيّ عنه بالفعل في معنى الصحّة بل اللازم في ماهية الصحيح هو جامعيّة الشيء لأجزائه وشرائطه في نفسه وهو معنى عرفيّ ولغويّ.
ألا ترى أنّ المركّبات التوليديّة تتّصف بالصحّة إذا كانت واجدة لأجزائها وشرائطها في نفسها كالسيّارة من دون ملاحظة اجتماع شرائط تأثيرها من وجود البترول أو المحرّك أو عدم وجود المزاحم وغير ذلك وهذا ليس إلّا لعدم دخالة غير أجزائها وشرائطها في نفسها في معنى الصحّة.
معنى الصحّة والفساد ونوع تقابلهما :
لا يقال : كيف تكون الصحّة بمعنى التماميّة والفساد بمعنى عدمها عرفا ولغة مع أنّ بين الصحّة والفساد تقابل التضادّ وبين النقص والإتمام تقابل العدم والملكة لأن الصحّة والفساد كيفيّتان وجوديّتان عارضتان للشيء في الوجود الخارجيّ باعتبار اتّصافه بكيفيّة ملائمة لطبيعته النوعيّة فيقال : «بطّيخ صحيح» بالملاك المذكور كما أنّه إذا اتّصف بكيفيّة منافرة أو بأثر لا يترقّب من نوعه يقال : إنّه فاسد كمرارته أو فساده وهذا بخلاف النقص والتمام ، فإنّ ملاك الإطلاق فيهما إنّما هو جامعيّته للأجزاء والشرائط وعدمها ، فإطلاق الصحّة والفساد بالمعنى المذكور على الماهيّات الاعتباريّة كالصّلاة والصوم من باب التوسّع في الإطلاق ويحتاج إلى اعتبار تخلّف الأثر وادّعاء ترتّب كيفيّة منافرة عليها. (١)
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ٦٨ ـ ٦٩.