خصوص ذلك منه. (١)
ويمكن الجواب عنه : أوّلا : بكفاية مغايرة ما في صحّة الحمل مع الاتّحاد من جهة اخرى سواء كان الحمل حملا أوّليّا أو شائعا صناعيّا ، فالمغايرة قد تكون بالمفهوم كما في الحمل الشائع وقد تكون بالإجمال والتفصيل كما في الحمل الذّاتيّ كحمل الحدّ على المحدود نحو قولهم : «الإنسان حيوان ناطق». وهذه المغايرة ولو كانت مغايرة اعتباريّة ولكنّها موافقة للواقع فإنّ ذات الإنسان والحيوان الناطق مثلا وإن كانت واحدة إلّا أنّ هذه الحقيقة الواحدة المركّبة من «ما به الاشتراك» و «ما به الامتياز» يمكن اعتبارها بجهة الوحدة والجمع كما يمكن اعتبارها بجهة الكثرة والفرق فإذا اعتبرها بالاولى عبّر عنها «بالإنسان» وإذا اعتبرها بالثانية عبّر عنها «بالحيوان الناطق». ومن المعلوم أنّ جهة الوحدة كجهة الكثرة اعتبار موافق للواقع وهذه المغايرة الواقعيّة تكفي في صحّة حمل المفصّل على المجمل البسيط لاراءة أنّ البسيط منحلّ إلى هذا المفصّل وهذا المفصّل هو تفصيل هذا البسيط وهذه المغايرة ليست مجرّد فرض المغايرة وإلّا لجاز حمل الشىء على نفسه بمجرّد فرض أنّه غير نفسه.
ثمّ إنّ المحقّق الأصفهانيّ بعد الإشارة إلى ما ذكر أفاد نكتة اخرى وهي أنّ الغرض في الحمل الذاتيّ شرح الماهيّة لا شرح الحقيقة وإنّما يستفاد المعنى الحقيقيّ بسبب تجرّد اللفظ بضميمة الاتّحاد. إلى أن قال : الغرض هنا مجرّد إثبات اتّحاد المعنيين ذاتا لا بما لهما من الحيثيّات الاعتباريّة فإنّها مصحّحة للموضوعيّة والمحموليّة لا مأخوذة في المحمول والموضوع. (٢) وقد تكون المغايرة في الألفاظ كالمترادفات وهذا التغاير التكوينيّ أيضا يوجب صحّة حمل إحداها على الاخرى كقولهم : «الإنسان بشر» وبالعكس.
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٤٨.
(٢) نهاية الدراية / ٤١.