الإشارة والضمائر أيضا عامّ وأنّ تشخّصه إنّما نشأ من قبل طور استعمالها حيث أنّ أسماء الإشارة وضعت ليشار بها إلى معانيها وكذا بعض الضمائر وبعضها ليخاطب بها المعنى والإشارة والتخاطب يستدعيان التشخّص كما لا يخفى فدعوى أنّ المستعمل فيه في مثل هذا وهو وإيّاك إنّما هو المفرد المذكّر والتشخّص إنّما جاء من قبل الإشارة أو التخاطب بهذه الألفاظ فإنّ الإشارة أو التخاطب لا يكاد يكون إلّا إلى الشخص أو معه غير مجازفة. (١)
ولكن أجاب عنه في تهذيب الاصول بقوله : وصحّة التركيب ووقوعها مخبرا عنها في قولنا هذا قائم وهو قائم وأشباههما لا تثبت ما راموه إذ لا نسلّم أنّ المخبر عنه في هذه الموارد هو مفاد هذه الكلمات بل المشار إليه ، فترى الفرق بين قولنا زيد قائم وبين هذا قائم أو هو قائم ، فلفظة زيد في الأوّل تحكي عن المحكوم عليه حكاية اللفظ عن معناه الموضوع له بخلافهما فإنّهما يحضران المحكوم عليه في ذهن السامع كما في الإشارة بالإصبع من غير أن يكونا موضوعين له ومن دون أن يكون دلالتها عليه من قبيل حكاية اللفظ عن معناه. (٢)
وهكذا أجاب عنه في نهاية الاصول حيث قال : وما قيل من كون كلمة هذا موضوعة للمفرد المذكّر المشار إليه فاسد جدّا بداهة عدم وضعها لمفهوم المشار إليه ولم يوضع لذات المشار إليه الخارجيّ الواقع في طرف الامتداد الموهوم أيضا إذ ليس لنا مع قطع النظر عن كلمة هذا إشارة في البين حتّى يصير المفرد المذكّر مشار إليه ويستعمل فيه كلمة هذا وبالجملة لفظة هذا مثلا وضعت لنفس الإشارة ويكون عمل اللفظ فيها عملا إيجاديّا ولم توضع للمشار إليه كما قيل. وقد أشار إلى ما ذكرنا في
__________________
(١) كفاية الاصول ١ / ١٦.
(٢) تهذيب الاصول ١ / ٣٩ ـ ٤٠.