تلك الاحكام فعلا وتركا خصوصا مثل اكل مال الغير الذى يعلم تفصيلا بحرمته ، فاذا وقع معاملة ولم تقصر فى معرفة حكمها تقليدا او اجتهادا وأحل له اكل ما ينتقل اليه بتلك المعاملة وان كان فى الواقع مال الغير.
(وامّا) اذا وقع معاملة من دون اجتهاد او تقليد فاتفق مخالفته للواقع عوقب على اكل مال الغير عصيانا للمحرمات الواقعية ، واما اذا اتفق موافقته للواقع فلا وجه لعقابه لما عرفت من عدم وجوب التقليد الا مقدمة فيسقط وجوبها عند تحقق ذى المقدمة بدونها.
ثم اذا رجع الفاعل الى المجتهد وافتاه بصحة تلك المعاملة وكونها سببا واقعيا حل له ترتيب الاثر عليها بعد ذلك وان لم يكن كذلك فى الواقع.
نعم على تقدير مخالفة الفتوى للواقع يعاقب على اعماله السابقة عن تقصير.
وقد زعم المعاصر المتقدم ان فتوى المجتهد بصحة تلك المعاملة نظير الاجازة فى الفضولى فقال :
«ان كونه مثلها يحتاج الى دليل» ومنشأ هذا التوهم ما زعمه من نفى الصحة عنها حين الوقوع لخلوها عن الاقتران بالتقليد والاجتهاد وان كان فى الواقع صحيحا وقد عرفت فساده.
وان الاجتهاد والتقليد طريقان مجعولان شرعا لاحراز الواقع فكلما ثبت وقوع عمل على طبق الواقع باحد الطريقين ترتب عليه آثاره من حين الوقوع كما لو ثبت صحته بالطريق الغير الجعلى وهو العلم بالواقع. (١)
__________________
(١) ـ فتأمل فيما أسّس ـ قدسسره ـ حق التأمل ولإيضاح مرامه ومستندات مدعاه تفصيل وهو موكول الى محله.