ثم انه يمكن ان يقال بالتفصيل فى الاعمال التى يوقعها من غير العبادات بين ما كان التاثير الذى حكمه الشارع فيه مدلولا لنفس العمل ومقتضى له كالعقود والايقاعات حيث ان صحتها شرعا عبارة عن امضاء الشارع لمقتضياتها ، فان صحة البيع عبارة عن امضاء الشارع لانشاء التمليك الذى ينشئه العاقد بالصيغة وكذا الطلاق والعتق ونحوهما.
وبين ما كان التأثير المحكوم فيه بنفس جعل الشارع كغسل الثوب الذى جعله الشارع سببا للطهارة الشرعية ، وفرى الاوداج المجعول سببا للطهارة والحلّية ونحوهما.
فان هذه الافعال بنفسها لا تقتضى شيئا وانما اقتضائها ، بجعل من الشارع ، فما كان من قبيل الاوّل فاذا اوقعه المجتهد على حسب ظنه فقد اوقعه على مقتضى رضاء الشارع ورخصته ولازم ذلك امضاء ذلك الانشاء عند الشارع ، فلا بد من تحقق مدلوله ومقتضاه وهى الملكية الدائمة فهى كما لو صرح الشارع بالاذن فى ذلك الانشاء.
وما كان من قبيل الثانى فايقاعه على مقتضى ظنه وان كان برضاء الشارع ، الّا ان مجرد رضاه بايقاعه يعرض التاثير فى المسبب لا يوجب دوام ذلك التاثير فيه ، حتى لو ظن بعدم بسببيته لان معنى اذن الشارع فى ايقاعه لغرض تأثير اذنه فى ترتب الآثار فيترتب عليه الآثار ما دام الظن ، ويرفع اليد عنها اذا ظن بالخلاف لاقتضاء الظن الثانى بترتب آثار نقيض المسبب.
وهذا بخلاف مسئلة العقد والايقاع فان اذن الشارع فى ايقاعه لغرض التأثير يرجع الى رضاه بذلك الانشاء وهو معنى صحة العقد فافهم وتامل.