للكتاب والسنة والاجماع ، فكما لا يلزم فى الكتاب واخويه ان يثبت بها بالاستقلال حكم شرعى ، فكذلك دليل العقل فالمراد به حكم عقلى يتوصل به الى الحكم الشرعى كما يتوصل بالمقدمة الى ذيها سواء كان سببا تاما او غيره. وامّا التقسيم فلان حكم العقل فى المقامين غير محتاج الى خطاب شرعى او كما انه يستقل بحسن العدل وقبح الظلم ، كذلك يستقل بعدم انفكاك وجوب المقدمة عن وجوب ذيها ، وعدم انفكاك حرمة الضد عن وجوب الشيء ، وعدم انفكاك عدم المسبب عن عدم السبب ، وعدم انفكاك الغاية عن انتهاء المغيّا عندها ، وعدم انفكاك حرمة الايذاء الشديد عن حرمة الخفيف ، وعدم انفكاك الملزوم عن عدم اللازم.
فان هذه القضايا كلها على تقدير ثبوتها ملازمات عقلية لا يتوقف تحققها على تحقق الملزوم. نعم لو قسم الحكم العقلى باعتبار التوصل به الى الحكم الشرعى ، الى ما لا يحتاج فى التوصل به الى خطاب شرعى والى ما يحتاج كان مستقيما ، فان التوصل من حكم العقل بالتلازم بين وجوب شيء ووجوب مقدمته وحرمة ضده مثلا الى الحكم الشرعى بوجوب مقدمته او حرمته متوقف على ثبوت الخطاب الشرعى بوجوب ما يتوقف على فعله او تركه ، وكذلك التوصل بحكم العقل ببقاء ما كان ولم يظن عدمه الى ثبوت حكم شرعى يتوقف على خطاب شرعى يدل على الحكم فى الحالة السابقة.
وهكذا فيكون التقسيم المذكور اشارة الى ان المراد بالتوصل فى التعريف اعم من التامّ والناقص ولعل بعضهم اراد ذلك واشتبه الامر على بعض آخر.