المقامات لا يوجب حمل ما ظاهره الاجمال على البيان.
ان ما ذكرنا من انه لو علم وروده فى مقام البيان يحمل على العموم كلام ظاهرى ايضا مبنى على المماشاة مع بعض القائلين بالبيان من جهة الحكمة والّا فاذا اثبتنا الامر على ان الكلام فى ذاته ـ اى بحسب دلالته الاصلية ـ مجمل قابل للتبعيض والكل ، فمجرد علمنا لوروده فى مقام البيان لا يوجب حمله على العموم ، اذ لو علمنا انه ورد فى مقام بيان العموم كان منشأ ذلك العلم هو الدليل على ارادة العموم.
وان علمنا انه ورد فى مقام البيان للمخاطب لكن لا ندرى انه وقع فى مقام بيان العموم او فى مقام بيان بعض الجهات ، فهذا عين الاجمال ولا ينفع فيه العلم لوروده مورد البيان.
فان قلت : انه اذا ورد هذا الكلام الى المخاطبين وعلم انه فى مقام البيان والمفروض انه لم يبين البعض ، كان ذلك دليلا على ارادة الكل فحمله على العموم من جهة مقام البيان انما هو للمخاطبين لان البيان لهم بالقرينة وبعد اختفائها عن غيرهم يحكم ذلك الغير بالبيان.
قلت : لا ريب فى ان تعويل المتكلم فى بيان كلامه المجمل لا ينبغى ان يكون على مجرد ايراده كلامه فى مقام البيان ، فان ايراده الكلام فى مقام البيان فرع نصب القرينة المبينة ، لان المفروض اجمال الكلام فى ذاته فكيف يكون هذا الذى لا يتحقق إلّا بعد نصب القرينة بنفسه قرينة ومبينا للكلام.
والحاصل : ان كون المقام مقام البيان لا ينفع فى حمل اللفظ المجمل المردد بين ارادة الكل والبعض الصالح لكل منها على العموم ، اذ لا يعلم انه