قلنا : هذا الفرد المحرّم منعنا اتّصافه بالوجوب التخييرى لانّ الحاكم بالتخيير اما الشرع او العقل ، والشرع لم يحكم بوجوب شيء من الافراد تخييرا فضلا عن الفرد المحرم ، وامّا العقل فهو مع امكان المندوحة وامكان الامتثال بالطبيعة فى الفرد المباح لا يرخص فى الامتثال بها فى ضمن الفرد المحرم ، فالوجوب بجميع اقسامه ينتفى فى ذلك الفرد حتى الوجوب المقدمى عند القائلين لانّ المقدمة المحرمة لا تتصف بالوجوب عندهم ايضا.
فان قلت : صحة العبادة لا بدّ لها من امر عينى او تخييرى وهذا الفرد على تقدير عدم كونه مامورا به يكون فاسدا فمن [اين] تثبت الصحة؟
قلنا : يكفى فى صحة الفرد انطباقه على المامور به واشتماله على الطبيعة المطلوبة ، بل الّذي يقتضى الصحة فى جميع الافراد حتى الافراد المباحة انّما هو مجرّد هذا المعنى لان ترخيص العقل فى الاتيان بالماهية فى ضمن الفرد لا مدخلية له فى الصحة لانّ المعتبر فى الصحة مطابقة الماتى به للمامور به شرعا ، ومن الواضح انّ الافراد المباحة من حيث كونها افرادا ليس مما يتعلّق بها الامر الشرعى والّا لكانت متصفة بالوجوب العينى.
والحاصل انّ مقتضى الصحة انما هو حصول الطبيعة المامور بها فى ضمن الفرد لا كون الفرد متعلّقا للامر ، ولا ريب انّ الفرد المباح والحرام من حيث حصول المطلوب فى ضمنها سيّان.
فان قلت : هب انّ الاوامر انّما متعلّق بالطبائع دون الافراد لكن لوازم الماهيات سارية الى جميع الافراد كالحلاوة فى افراد التمر فلا يلزم من جعل المطلوب نفس الطبيعة عراء الافراد عن الوجوب بل لا بد من سراية الوجوب