يكون (خَلَقْناهُ) صفة ل (شَيْءٍ) ؛ لأن الصفة والصلة لا يعملان فيما قبل الموصوف ولا الموصول ، ولا يكونان تفسيرا لما يعمل فيما قبلهما. فإذا لم يكن (خَلَقْناهُ) صفة ل (شَيْءٍ) لم يبق إلّا أنه تأكيد وتفسير للمضمر الناصب ل (كُلَّ) ، وذلك يدل على العموم. وأيضا فإن النصب هو الاختيار عند الكوفيين ؛ لأنّ (إِنَّا) عندهم تطلب الفعل ، فهي به أولى ، فالنصب عندهم في (كُلَّ) هو الاختيار ، فإذا انضاف إليه معنى العموم والخروج من الشبه ، كان (١) النصب أقوى [كثيرا] من الرفع (٢). وقد أفردت هذه المسألة بأشبع من هذا التفسير ، في غير هذا الكتاب.
__________________
ـ «بِقَدَرٍ» وآثرت إثباتها في الهامش : «فهو يوجب العموم ، لأنه إذا قال : إنا خلقنا كل شيء ، فقد عمّ ، وإذا رفع فقال : كلّ شيء خلقناه بقدر ، فليس فيه عموم ؛ لأنه يجوز أن يجعل «خَلَقْنٰاهُ» نعتا لشيء ، ويكون تقدر خبرا ل «كُلَّ» ، ولا يكون فيه دلالة لطيفة على خلق الأشياء كلها ، بل يكون فيه دلالة على أن ما خلق منها بقدر. ومثل هذا في الكلام : كل نحوي أكرمته في الدار ، فقد أوجبت أنه ليس أحد من النحويين إلا وقد أكرمته ؛ لأن تقديره : أكرمت كل نحوي أكرمته في الدار ، وإذا قلت : كلّ نحوي أكرمته في الدار ، وجعلت أكرمته نعتا فمعناه : كل من أكرمته من النحويين فهو حاصل في الدار. ويجوز أن يكون : في النحويين من لم أكرمه وهو في الدار».
(١) في الأصل : «صار».
(٢) البيان ٤٠٦/٢ ؛ والعكبري ١٣٤/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٤٧/١٧.