الثانية عطف على الأولى في موضع رفع ، ثم قال : والفاء الأجود فيها أن تكون في موضع الجزاء ، ثم رجع فنقض ذلك وقال : وحقيقة «أنّ» الثانية أنها مكرّرة (١) ، على جهة التأكيد ؛ لأن المعنى : كتب على الشيطان أنّه من تولّاه أضلّه. وقد أخذ عليه إجازته [ذلك] ؛ أن تكون الفاء عاطفة ؛ لأن «من تولاه» شرط ، والفاء جواب الشرط ، ولا يجوز العطف على «أنّ» الأولى ، إلّا بعد تمامها ؛ لأنّ ما بعدها من صلتها ، فإذا لم تتم بصلتها لم يجز العطف عليها ؛ إذ لا يعطف على الموصول إلا بعد تمامه. والشرط وجوابه في هذه الآية هما خبر «أنّ» الأولى. وأخذ عليه أيضا قوله : «أنّ» الثانية مكرّرة للتأكيد ؛ وقيل : كيف تكون للتأكيد والمؤكد لم يتمّ؟ وإنما يصلح التأكيد بعد تمام المؤكد ، وتمام «أنّ» الأولى عند قوله «السّعير». والصّواب في «أنّ» الثانية أن تكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ تقديره : كتب على الشيطان أنّ من تولّاه فشأنه أنّه يضلّه ، أو فأمره أنّه يضلّه ، أي : فشأنه الإضلال (٢). ويجوز أن تكون «أنّ» الثانية في موضع رفع بالاستقرار ، [بأن](٣) يضمر له ، تقديره : كتب عليه أنّه من تولّاه فله أنّه يضلّه ، أي فله إضلاله وهدايته إلى عذاب السعير (٤).
١٤٨٩ ـ قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) ـ ٦ ـ «ذا» في موضع رفع على إضمار مبتدأ تقديره : الأمر ذلك. وأجاز الزجّاج (٥) أن تكون «ذا» في موضع نصب بمعنى : فعل الله ذلك بأنّه الحقّ.
١٤٩٠ ـ قوله تعالى : (ثانِيَ عِطْفِهِ) ـ ٩ ـ نصب على الحال من المضمر في (يُجادِلُ) ؛ وهو راجع على «من» في قوله : (مَنْ يُجادِلُ) ، فمعناه : يجادل في آيات الله بغير علم معرضا عن الذكر.
__________________
(١) في معاني القرآن : «أنها مكررة مع الأولى».
(٢) في الأصل «إضلال».
(٣) زيادة من : (ق).
(٤) البيان ١٦٨/٢ ـ ١٦٩ ؛ والعكبري ٧٦/٢ ؛ والبحر المحيط ٣٥١/٦.
(٥) معاني القرآن ٤١٣/٣.