٢٣٩ ـ قوله تعالى : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) ـ ٢١٤ ـ من رفع (١) (يَقُولَ) فلأنّه فعل قد ذهب وانقضى ، وإنما يخبر عن الحال التي كان عليها الرسول فيما مضى ، فالفعل دال على الحال التي كانوا عليها فيما مضى ، وهو مثل قولك : مرض حتى لا يرجونه ، أي : مرض فيما مضى ، حتى هو الآن لا يرجى ، فتحكي الحال التي كان عليها ، فلا سبيل للنصب في هذا المعنى. ولو نصبت لانقلب المعنى ، وصرت تخبر عن فعلين قد مضيا وذهبا ، ولست تحكي حالا كان عليها ؛ وتقديره (٢) أن يحكي حالا كان النبي عليها ، فتقديره : وزلزلوا حتى قال الرسول ؛ كما تقول : سرت حتى أدخلها ، أي قد كنت سرت فدخلت ، فصارت (حَتَّى) داخلة على جملة ، وهي لا تعمل في الجمل ، فارتفع الفعل بعدها ، ولم تعمل فيه. فأما وجه قول من نصب فإنّه جعل (حَتَّى) غاية ، بمعنى : إلى أن ، فنصب بإضمار (أَنْ) ، وجعل قول الرسول غاية لخوف أصحابه ؛ لأنّ (زُلْزِلُوا) معناه : خوّفوا ، فمعناه ؛ وزلزلوا إلى أن قال الرسول ؛ والفعلان قد مضيا (٣).
٢٤٠ ـ قوله تعالى : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) ـ ٢١٤ ـ «قريب» خبر (أَنْ) ، ويجوز «قريبا» ؛ تجعله نعتا لظرف محذوف ، أي مكانا قريبا. ولا يثنّى ولا يجمع في هذا المعنى ، ولا يؤنّث ، فإن قلت : هو قريب مني ، تريد المكان ، لم تثن ولم تجمع ولم تؤنث ، فإن أردت النسب ثنّيت وجمعت وأنّثت.
٢٤١ ـ قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) ـ ٢١٥ ـ (ما) استفهام ، ولذلك لم تعمل فيها (يَسْئَلُونَكَ) ، فهي في موضع رفع بالابتداء ، و (ذا)
__________________
(١) الرفع قراءة نافع ، وقرأ الباقون بالنصب ؛ التيسير ص ٨٠ ؛ والنشر ٢ / ٢١٩ ؛ والإتحاف ص ١٥٦ ، ١٥٧ ؛ وانظر : معاني القرآن للفراء ١ / ١٣٢.
(٢) أي في حال الرفع.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١ / ١٣٢ ؛ والكشف لمكي ١ / ٢٨٩ وما بعده ؛ والبيان ١ / ١٥٠ ؛ والعكبري ١ / ٥٣ ؛ ومغني اللبيب ١ / ١٢٤.