ومن حيث ما يضاف إليه غيره ، فكأن الصلاة عليه من حيث ما يضاف إليه غيره هي الصلاة من حيث المجموع ، إذ للمجموع حكم ليس للواحد إذا انفرد. واعلم أن آل الرجل في لغة العرب هم خاصته الأقربون ، وخاصة الأنبياء وآلهم هم الصالحون ، العلماء بالله المؤمنون به ، وقد علمنا أن إبراهيم كان من آله أنبياء ورسل الله ، ومرتبة النبوة والرسالة قد ارتفعت في الشاهد في الدنيا ، فلا يكون بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أمته نبي يشرع الله له بخلاف شرع محمد صلىاللهعليهوسلم ولا رسول ، وما منع المرتبة ولا حجرها من حيث لا تشريع ولا سيما وقد قال صلىاللهعليهوسلم فيمن حفظ القرآن ، إن النبوة قد أدرجت بين جنبيه أو كما قال صلىاللهعليهوسلم ، وقال في المبشرات إنها جزء من أجزاء النبوة ، فوصف بعض أمته بأنهم قد حصل لهم المقام وإن لم يكونوا على شرع يخالف شرعه ، وقد علمنا ـ بما قال لنا صلىاللهعليهوسلم ـ أنّ عيسى عليهالسلام ينزل فينا حكما مقسطا عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ، ولا نشك قطعا أنه رسول الله ونبيه ، وهو ينزل بعده ، فله عليهالسلام مرتبة النبوة بلا شك عند الله ، وما له مرتبة التشريع عند نزوله ، فعلمنا بقوله صلىاللهعليهوسلم إنه [لا نبي بعدي ولا رسول] وأن النبوة قد انقطعت والرسالة ، إنما يريد بهما التشريع ، فلما كانت النبوة أشرف مرتبة وأكملها ، ينتهي إليها من اصطفاه الله من عباده ، علمنا أن التشريع في النبوة أمر عارض بكون عيسى عليهالسلام ينزل فينا حكما من غير تشريع ، وهو نبي بلا شك ، فخفيت مرتبة النبوة في الخلق بانقطاع التشريع ، ومعلوم أن آل إبراهيم من النبيين والرسل الذين كانوا بعده ، مثل إسحق ويعقوب ويوسف ومن انتسل منهم من الأنبياء والرسل بالشرائع الظاهرة الدالة على أن لهم مرتبة النبوة عند الله ، أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يلحق أمته ـ وهم آله العلماء الصالحون منهم ـ بمرتبة النبوة عند الله وإن لم يشرعوا ، ولكن أبقى لهم من شرعه ضربا من التشريع ، فقال : [قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد] أي صل عليه من حيث ما له آل [كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم] أي من حيث أنك أعطيت آل إبراهيم النبوة تشريفا لإبراهيم ، فظهرت نبوتهم بالتشريع ، وقد قضيت أن لا شرع بعدي ، فصلّ عليّ وعلى آلي بأن تجعل لهم مرتبة النبوة عندك ، وإن لم يشرعوا ، فكان من كمال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن ألحق آله بالأنبياء في المرتبة ، وزاد على إبراهيم بأن شرعه لا ينسخ ، وبعض شرائع إبراهيم ومن بعده نسخت الشرائع بعضها بعضا ، وما علّمنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصلاة عليه على هذه الصورة إلا بوحي من الله ،