واستوى عليه باسمه الرحمن ، استواء منزها عن الحد والمقدار ، معلوما عنده غير مكيف ولا معلوم للعقول والأذهان ، ثم أدار سبحانه في جوف هذا الفلك الأول فلكا ثانيا ، سماه الكرسي ، فتدلت إليه القدمان ، فانفرق فيه كل أمر حكيم بتقدير عزيز عليم ، وعنده أوجد الخيرات الحسان ، والمقصورات في خيام الجنان ، ثم رتب فيه منازل الأمور كلها ، وأحكمها في روحانيات سخرها وحكّمها بالتأثيرات السبعية من ألف إلى ساعة عن اختلاف الملوان ، وجعل هذه المنازل بين وسط ممزوج ، وطرفي سعد مستقر ، ونحس مستمر ، بنزول المقدر المفرد الإنسان ، ثم أدار سبحانه في جوف هذا الفلك الثاني فلكا ثالثا ، وخلق فيه كوكبا سابحا من الخنس الكنس ، مسخرا فقيرا ، أودع لديه كل أسود حالك ، وقرن به ضيق المسالك ، والوعر والحزن والكرب والحزن وحسرات الفوت ، وسكرات الموت ، وأسرار الظلمات ، والمفازات المهلكات ، والأشجار المثمرات ، والأفاعي والحيات ، والحيوانات المضرات ، والحرات الموحشات ، والطرق الدارسات ، والعنا والمشقات ، وخلق عند مساعدته النفس الكلية الجبال ، لتسكين الأرضين المدحيات ، وأسكن في هذا الفلك روحانية خليله إبراهيم عليهالسلام ، عبده ورسوله. ثم أدار في جوف هذا الفلك فلكا رابعا ، خلق فيه كوكبا سابحا من الخنس الكنس ، أودع لديه النخل الباسقات ، والعدل في القضايا والحكومات ، وأسباب الخير والسعادات ، والبيض الحسان المنعمات ، والاعتدالات والتمامات ، وأسرار العبادات والقربات ، والصدقات البرهانيات ، والصلوات النوريات ، وإجابة الدعوات ، والناظرين إلى الواقفين بعرفات ، وقبول النسك بموضع رمي الجمرات ، وخلق عند مساعدته النفس الكلية تحليل المياه الجامدات ، وأسكن في هذا الفلك روحانية نبيه موسى عليهالسلام عبده ونجيه. ثم أدار في جوف هذا الفلك فلكا خامسا ، خلق فيه كوكبا سابحا من الخنس الكنس ، أودع لديه حماية المذاهب بالقواضب المرهفات ، والموازن السمهريات ، وتجميز قدور راسيات ، وملء جفون كالجوابي المستديرات ، والتعصبات والحميات ، وإيقاع الفتن والحروب بين أهل الهدايات والضلالات ، وتقابل الشبه المضلات ، والأدلة الواضحات بين أهل العقول السليمة والتخيلات ، وخلق عند مساعدته النفس الكل لتلطيف الأهوية السخيفات ، وأسكن في هذا الفلك روح رسوليه هارون ويحيى عليهماالسلام موضحي سبيليه. ثم أدار في جوف هذا الفلك فلكا سادسا ،