لابن عمر رضي الله عنهما أخبرني عن الدين ما هو؟ قال : عليك بالإيمان فتعلمه. قلت : فأخبرني عن الإيمان ما هو؟ قال : فأخذ بيدي فانطلق بي إلى شيخ فأقعدني إلى جنبه فقال : إن هذا يسألني عن الإيمان كيف هو؟ فقال : والشيخ كان ممن شهد بدرا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قال ابن عمر : كنت إلى جنب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهذا الشيخ معي إذ دخل علينا رجل حسن اللمة متعمما نحسبه من رجال البادية فتخطى رقاب الناس فوقف بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ما الإيمان؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وتؤمن بملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله تعالى. فقال : صدقت ، فتعجبنا من تصديقه رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع جهل أهل البادية. فقال : يا رسول الله ، ما شرائع الإسلام؟ فقال : إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا والاغتسال من الجنابة. فقال : صدقت. فتعجبنا لقوله بتصديقه رسول الله صلىاللهعليهوسلم كأنه يعلمه. فقال : يا رسول الله وما الإحسان؟ قال : أن تعمل لله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. فقال : صدقت. فقال : يا رسول الله متى الساعة؟ فقال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل. ثم مضى فلما توسط الناس لم نره.
فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن هذا جبريل أتاكم ليعلمكم معالم دينكم» (١).
قال أبو مطيع : قلت لأبي حنيفة رحمهالله : فإذا استيقن بهذا وأقرّ به فهو مؤمن؟ قال : نعم إذا أقرّ بهذا فقد أقرّ بجملة الإسلام وهو مؤمن. فقلت : إذا أنكر بشيء من خلقه فقال : لا أدري من خالق هذا؟ قال : فإنه كفر لقوله تعالى : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام : ١٠٢]. فكأنه قال : له خالق غير الله ، وكذلك لو قال : لا أعلم أن الله فرض علي الصلاة والصيام والزكاة فإنه قد كفر. لقوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) [البقرة : ٤٣] ولقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) [البقرة : ١٨٣] ولقوله تعالى : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨)) [الرّوم : ١٧ ، ١٨] فإن قال : أؤمن بهذه الآية ، ولا أعلم تأويلها ولا أعلم تفسيرها فإنه لا يكفر ، لأنه مؤمن بالتنزيل ومخطئ في التفسير. قلت له : لو أقرّ بجملة الإسلام في أرض الشرك ولا يعلم شيئا من الفرائض والشرائع ولا يقر بالكتاب ولا بشيء من شرائع الإسلام إلا أنه مقر بالله تعالى
__________________
(١) ورد حديث جبريل على ألفاظ مختلفة متقاربة في المعنى وليس هذا.