__________________
ـ ما سمعها ذو فهم إلا وتلا (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) [الكهف : ٧٤] ولما وصل إلينا تقدمنا بجمع أولي العقد والحل وذوي التحقيق والنقل وحضر قضاة الإسلام وحكام الأنام وعلماء الدين ، وفقهاء المسلمين وعقدوا له مجلس شرع في ملأ من الأئمة وجمع ، فثبت عند ذلك جميع ما نسب إليه بمقتضى خط يده الدال على سوء معتقده ، وانفصل ذلك الجمع وهم عليه وعلى عقيدته منكرون وآخذوه بما شهد به قلمه قائلين (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) [الزّخرف : ١٩] وبلغنا أنه استتيب مرارا فيما تقدم وأخره الشرع لما تعرض إليه وأقدم ثم عاد بعد منعه ولم تدخل تلك النواهي في سمعه ولما ثبت عليه ذلك في مجلس الحكم العزيز المالكي حكم الشرع الشريف أنه يسجن هذا المذكور ويمنع من التصرف والظهور ، ومن يومنا هذا نأمر بأن لا يسلك أحد مسلك المذكور من المسالك ، وننهي عن التشبه به في اعتقاده مثل ذلك ، أو يعود له في هذا القول متبعا أو لهذه الألفاظ مستمعا ، وأن يسري في التجسيم مسراه ، أو يفوه بحد العلو مخصصا كما فاه أو يتحدث إنسان في صوت أو حرف أو يوسع القول في ذات أو وصف أو ينطق بتجسيم أو يحيد عن الصراط المستقيم أو يخرج عن رأي الأئمة وينفرد به عن علماء الأمة أو يحيز الله تعالى في جهة أو يتعرض إلى حيث وكيف ، فليس لمن يعتقد هذا المجموع عندنا إلا السيف ، فليقف كل واحد على هذا الحد ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ، وليلزم كل الحنابلة بالرجوع عما أنكره الأئمة من هذه العقيدة والخروج من هذه التشبهات الشريدة ولزوم ما أمر الله به والتمسك بأهل المذاهب الحميدة ، فإنه من خرج عن أمر الله فقد ضلّ سواء السبيل ، وليس له غير السجن الطويل مستقرا ومقيلا ، فقد رسمنا أن ينادي في دمشق المحروسة والبلاد الشامية وتلك الجهات مع النهي الشديد والتخويف والتهديد أن لا يتبع التقي ابن تيمية في هذا الأمر الذي أوضحناه ، ومن تابعه منهم تركناه في مثل مكانه وأحللناه ووضعناه عن عيون الأمة كما وضعناه ، ومن أعرض عن الامتناع وأبى إلا الدفاع أمرنا بعزلهم من مدارسهم ومناصبهم وإسقاطهم من مراتبهم ، وأن لا يكون لهم في بلادنا حكم ولا قضاء ولا إمامة ولا شهادة ولا ولاية ولا إقامة ، فإننا أزلنا دعوة هذا المبتدع من البلاد وأبطلنا عقيدته التي ضلّ بها العباد أو كاد ، ولتثبت المحاضر الشرعية على الحنابلة بالرجوع عن ذلك ولتسير إلينا المحاضر بعد إثباتها على قضاة الممالك ، فقد أعذرنا حيث أنذرنا ، وأنصفنا حيث حذرنا ، وليقرأ مرسومنا هذا على المنابر ليكون أبلغ واعظ وزاجر وأجمل ناه وآمر ، والاعتماد على الخط الشريف أعلاه ، الحمد لله ، صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم».
انتهى ما رأيته بخط الحافظ ابن طولون في المجموعة الحسبية التي كان فيها الدرة المضية والمقالة في الرد على من ينكر الزيارة المحمدية للتقي الأخنائي والاعتبار في بقاء الجنة والنار ودفع شبه من شبه وتمرد وغيرها ، ونص المرسوم المقروء على الجمهور على منبر جامع القاهرة بعد صلاة الجمعة وعلى منبر جامع الفسطاط بعد العصر سلخ رمضان مدوّن في نجم المهتدي لابن المعلم القرشي. وما قرئ على منبر جامع دمشق بعد وصول ابن صصرى القاضي من مصر به في اليوم السادس عشر من شهر ذي القعدة سنة سبعمائة وخمس مدوّن في دفع الشبه للتقي الحصني وما نقلناه هنا من المراسيم التي قرئت على منابر البلاد الشامية وألفاظ تلك المراسيم كلها متقاربة في المعنى وفي ذلك كله عبر بالغة ، فما ذا علينا من عداء مثل هذا