قال إن قيامه بالنفس أو بالغير باطل إذ ليس يقبلهما إلا جسم أو عرض فكلاكما ينفي الإله حقيقة ما ذا يرد عليه من هو مثله في النفي صرفا والفرق ليس بممكن لك والخصم يزعم أن ما هو قابل لهما كقابل لمكان فافرق أو أعط القوس باريها وخل الفشرة وكثرة الهذيان».
فهذا فشار كبير ممن لا يعرف الضدين ولا النقيضين ولا الإمكان ولا الامتناع ، يا سبحان الله الدخول والخروج نقيضان أو نفي الوصف بهما يزيل الإمكان أو ينفي الإله؟ هذا خلط.
فصل
قال : في سياق هذا الدليل على وجه آخر إن نفي المعطل كون الإله خارج الأذهان بالغ في الكفر وإن أقر ، فإن قال إنه عين الأكوان قال بالاتحاد وجحد ربه ، وإن قال غيرها ، فإن قال الخلق في ذاته أو ذاته فيهم فهو قول النصارى ، وإن قال قائم بنفسه فهو وغيره مثلان أو ضدان أو غيران وعلى التقادير (١) الثلاثة لو لا التباين لم يكن شيئان فلذا قلنا إنكم باب من الاتحاد».
أسمع جعجعة ولا أرى طحنا آخره مطالبة بأن ما ليس في حيز كيف يكون موجودا.
__________________
(١) يلوك لسانه مصطلحات أهل المعقول من غير أن يفهم مرادهم ليظهر عند الحمقى بأنه جامع بين المعقول والمنقول ، فالغيران إذا اشتركا في تمام الماهية فهما مثلان ، وإلا فإن كانا وجوديين أمكن تعقل أحدهما مع الذهول عن الآخر فهما ضدان ، والتباين عندهم باعتبار الصدق أو التحقق لا بمعنى البينونة المفيدة إشغال هذا حيزا غير حيز ذاك ، والحاصل أنه جعل القسم قسيما وحمل التباين على التباعد بالمسافة وإشغال كل حيزا غير حيز الآخر ، وحاول أن يستنتج من الدعوى المجردة ما يدعيه ، ولو كان المسكين درس الطوالع مثلا قبل أن يخوض في هذه المباحث عند عالم كالأصبهاني لما فضح نفسه بهذيان المحمومين ، وحق للمصنف أن يقول في ثرثرة الناظم أسمع جعجعة ولا أرى طحنا. لأن معنى كلام الناظم : إن نفى المعطل الإله في خارج الأذهان فهو كافر ، وإن أقر بوجوده بأن قال إنه عين الكون فهو اتحادي ملحد ، وإن قال إنهما مثلان أو ضدان أو غيران بدون اختلاف في الجهات فهو قائل بالاتحاد أيضا. فيا ترى هل لهذا التخريف من معنى عند أهل البصيرة؟