استسق لأمتك ، فأتاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المنام فقال : «ائت عمر فاقرأه مني السلام وأخبره أنهم مسقون وقل له عليك الكيس» قال : فأتى الرجل عمر فأخبره فبكى عمر رضي الله عنه وقال : يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه. فهذا رجل مبارك قد أتى قبره عليه الصلاة والسلام وطلب الاستسقاء منه عليه الصلاة والسلام فلو كان ذلك جهلا وضلالا وشركا لمنعه عمر رضي الله عنه الذي احتج الزائغ باستسقائه بالعباس وقد تقدمت قصة عثمان بن حنيف وهي من الأمور المشهورة.
فسكوت هذا الزائغ القائل بمسألة الفرق تبعا لسلالة اليهود عن هذه الأمور الواضحة الجلية المشهورة والعدول إلى الفجور من أقوى الأدلة على خبث طويته. ومثل هذا لا يحل لأحد تقليده فيما يقوله ولا ينظر في كلامه إلا من يكون أهلا لمعرفة دسائس أهل البدع والزيغ وإلا هلك وأهلك فتنبّه لذلك وخذ حذرك وإلا هلكت من حيث ظننت السلامة.
وقوله : (ولا يطلب منه شيء سواء كان نبيا أو شيخا أو غير ذلك) قال الأئمة الأعلام النقاد أصحاب الأذهان الجيدة : هذا منه كفر لما فيه من حط رتبة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والإجماع على أن من غمط من نبي في شيء من الأشياء كفر وأيضا ففيه ترفيع غير الأنبياء إلى رتبة الأنبياء وإلحاقهم بهم وفيه إشارة بعيدة ترجع إلى اعتقاد الشيعة (١) وهو أن النبوة عندهم تكتسب بالرياضات وتهذيب النفس وكتبهم مشحونة بهذا ، وهذا من فجورهم فإن النبوة إنما هي من الله عزوجل فمن نبأه الله عزوجل فهو النبي ومن أرسله فهو الرسول (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام : ١٢٤].
ومن الأمور المنتقدة عليه قوله (زيارة قبر النبي وقبور الأنبياء معصية بالإجماع مقطوع بها) وهذا ثابت عنه أنه قاله. وثبت ذلك على يد القاضي جلال الدين القزويني. فانظر هذه العبارة ما أعظم الفجور فيها من كون ذلك معصية. ومن ادعى الإجماع وأن ذلك مقطوع به فهذا الزائغ يطالب بما ادعاه من إجماع الصحابة رضي الله عنهم وكذا التابعون ومن بعدهم من أئمة المسلمين إلى حين ادعائه ذلك. وما أعتقد أن أحدا يتجاسر على مثل ذلك مع أن الكتب المشهورة بل والمهجورة وعمل الناس في سائر الأعصار على الحث على زيارته من جميع الأقطار فزيارته من
__________________
(١) هذا ليس اعتقاد الشيعة وإنما هو اعتقاد الفلاسفة هكذا رئي على حاشية خط الشيخ ، اه صاحب الأصل.