فاستخرت الله عزوجل في ذلك مدة مديدة ثم قلت : لا أبا لك ، وتأملت ما حصل وحدث بسببه من الإغواء والمهالك فلم يسعني عند ذلك أن أكتم ما عملت ، وإلا ألجمت بلجام من نار ومقت وها أنا أذكر الرجل وأشير باسمه الذي شاع وذاع ، واتسع به الباع ، وسار بل طار في أهل القرى والأمصار ، وأذكر بعض ما انطوى باطنه الخبيث عليه وما عول في الإفساد بالتصريح أو الإشارة إليه ولو ذكرت كثيرا مما ذكره ودونه في كتبه المختصرات لطال جدا فضلا عن المبسوطات وله مصنفات أخر لا يمكن أن يطلع عليها إلا من تحقق أنه على عقيدته الخبيثة ولو عصر هو وأتباعه بالعاصرات لما فيها من الزيغ والقبائح النحسات.
قال بعض العلماء من الحنابلة في الجامع الأموي في ملأ من الناس : لو اطلع الحصني على ما اطلعنا عليه من كلامه لأخرجه من قبره وأحرقه ، وأكد هؤلاء أن أتعرض لبعض ما وقفت عليه وما أفتى به مخالفا لجميع المذاهب وما خطئ فيه وما انتقد عليه وأذكر بعض ما اتفق له من المجالس والمناظرات وما جاءت به المراسيم العاليات وأتعرض لبعض ما سلكه من المكائد التي ظن بسببها أنه يخلص من ضرب السياط والحبوس وغير ذلك من الإهانات وهيهات فأول شيء سلكه من المكر والخديعة أن انتمى إلى مذهب الإمام أحمد وشرع يطلب العلم ويتعبد فمالت إليه قلوب المشايخ فشرعوا في إكرامه والتوسعة عليه فأظهر التعفف فزادوا في الغربة فيه والوقوع عليه ثم شرع ينظر في كلام العلماء ويعلق في مسوداته حتى ظن أنه صار له قوة في التصنيف والمناظرة وأخذ يدوّن ويذكر أنه جاءه استفتاء من بلد كذا وليس لذلك حقيقة فيكتب عليها صورة الجواب ويذكر ما لا ينتقد عليه وفي بعضها ما يمكن أن ينتقد إلا أنه يشير إليه على وجه التلبيس بحيث لا يقف على مراده إلا حاذق عالم متفنن فإذا ناظر أمكنه أن يقطع من ناظره إلا ذلك المتفنن الفطن ثم مع ذلك شرع يتلقى الناس بالإنس وبسط الوجه ولين الكلام ويذكر أشياء تحلو للنفس لا سيما الألفاظ العذبة مع اشتمالها على الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة فطلبوا منه أن يذكر الناس ففعل فطار ذكره بالعلم والتعبد والتعفف ففزع الناس إليه بالأسئلة فكان إذا جاءه أحد يسأله عن مسألة قال له عادوني فيها فإذا جاءه قال هذه مسألة مشكلة ولكن لك عندي مخرج أقوله لك بشرط فإني أتقلدها في عنقي فيقول أنا أوفي لك فيقول إن تكتم علي فيعطيه العهود والمواثيق على ذلك فيفتيه بما فيه فرجه حتى صار له بذلك أتباع كثيرة يقومون بنصرته أن لو عرض له عارض ثم إنه علم أن ذلك لا يخلصه