عليهالسلام قاصدين إلى الهجرة من مكة إلى المدينة فكان الناس يقولون
يا أبا بكر ، وكان معروفا فيسلمون عليه ويسألونه. من هذا الرجل الذي معك؟ فيقول :
رجل يهديني السبيل ، يعني يعرفني الطريق ، وهو يريد رضي الله عنه سبيل الحق
والدين.
الجواب
الثالث : أعلمناهم الهدى من
الضلالة.
جواب
رابع : وهو أن المراد
بذلك هدينا فريقا منهم وأضللنا فريقا دليل ذلك قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ
أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥)) [النّمل : ٤٥]
ويدل عليه أيضا قوله تعالى : (قالَ الْمَلَأُ
الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ
مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما
أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٧٥) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي
آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٧٦)) [الأعراف : ٧٥ ،
٧٦] فصحّ ما قلناه ، وأنه هدى بعضا وأضلّ بعضا بنص القرآن ، فاعلم ذلك.
جواب
خامس : وهو أن فريقا من
ثمود آمنوا ثم ارتدّوا ، ففيهم نزلت الآية ، يدل عليه قوله تعالى : (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) [فصّلت : ١٧] يعني
رجعوا إلى الكفر بعد الإيمان.
فإن قيل : فما
قولكم في قوله تعالى : (إِنْ تَكْفُرُوا
فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) [الزّمر : ٧] فصح
أنه لا يريد الكفر ، فالجواب من وجهين :
أحدهما
: أنه لو كان كما
قلتم لكان يقول : ولا يرضى لأحد الكفر ، أو يقول :
ولا يرضى لكم
الكفر ، فلما لم يقل ذلك لم يكن لكم حجة.
الثاني
: أنه قال تعالى : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) [الزّمر : ٧] وإذا
أضافهم إليه بلفظ العبودية فإنما أراد بذلك خواص عباده المؤمنين دون الكافرين.
ونحن نقول : إنه ما رضي للخواص الكفر ولا أراد لهم الكفر ، وإنما رضي لهم الإيمان.
الذي يدل على صحة هذا : إن العباد إذا أضافهم إليه كان المراد بهم المؤمنين دون
غيرهم ، قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ
لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) [الحجر : ٤٢]
وأراد بذلك المؤمنين دون الكفار. وكذلك قوله تعالى : (يا عِبادِ لا خَوْفٌ
عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨)) [الزّخرف : ٦٨]
أراد المؤمنين دون الكفار. وكذلك قوله تعالى : (عَيْناً يَشْرَبُ
بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦)) [الإنسان : ٦]
أراد المؤمنين دون الكفار ، وكذلك قوله تعالى : (وَلا يَرْضى
لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) [الزّمر : ٧] أراد
المؤمنين دون الكافرين ، فاعلم ذلك وتحققه.