مخلوق ، إلى غير ذلك من الآيات والأخبار. ولأنه لو لم يكن متكلما لوجب أن يوصف بضد الكلام ؛ من الخرس والسكوت والعيّ ، والله يتعالى عن ذلك.
مسألة
ويجب أن يعلم : أن الله سبحانه باق. ومعنى ذلك : أنه دائم الوجود.
والدليل عليه قوله : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) [الرّحمن : ٢٧] يعني ذات ربك. وأيضا قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] يعني ذاته ، ولأنه قد ثبت قدمه وما ثبت قدمه استحال عدمه.
مسألة
ويجب أن يعلم : أن الباري عالم بعلم قديم متعلق بجميع المعلومات ، ولا يوصف علمه بأنه مكتسب ولا ضروري ، وأنه قادر بقدرة قديمة شاملة لجميع المقدورات ، مريد بإرادة قديمة متعلقة بجميع الكائنات سميع بسمع قديم متعلق بجميع المسموعات ، بصير ببصر قديم متعلق بجميع المبصرات ، متكلم وكلامه قديم متعلق بجميع المأمورات والمنهيات ، والمخبرات. فعلمه سبحانه وتعالى لا يوصف بالضرورة والكسب ؛ لأن ذلك صفات علم الخلق. وقدرته لا توصف بالاستطاعة ؛ لأن ذلك صفات الخلق ، وسمعه لا يوصف بأنه يقوم بالحواس كسمع الخلق ، وبصره لا يوصف بأنه يقوم بالآماق كبصر الخلق ، وكلامه لا يوصف بالجوارح والأدوات ؛ لأن ذلك صفات كلام الخلق. بل صفات ذاته قديمة أزلية ، لم يزل موصوفا بها ، ولا يزال كذلك ، لا تشبه بصفات المخلوقين ، ولا يقال إنها هو ولا غيره ، ولا صفاته متغايرة في أنفسها.
والدليل على هذه الجملة قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشّورى : ١١] وقوله تعالى : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤)) [الإخلاص : ٣ ، ٤] فكما [أن] ذاته لا تشبه ذوات الخلق ، فكذلك علمه لا يشبه علم الخلق ، ولا يوصف بصفة علم الخلق ، وكذلك قدرته وإرادته : لا تشبه قدرة الخلق ولا إرادتهم ، ولا يوصف شيء من صفاته بصفات الخلق ، فاعلم ذلك وتحققه توفّق للصواب ، بمشيئة الله تعالى.
والدليل على أن صفاته لا يقال لها هي هو : أنها لو كانت هي هو لكانت خالقة فاعلة مثله ، فلا يجوز أن يقال هي هو. ويدل على صحة هذا المعنى قول عليّ