وكذا تقدّمها عليه. وإنّما الواجب المقارنة بين العلّة بتمام أجزائها وبين المعلول ؛ فإنّ ذلك قضيّة إمكان الشيء وفقره المحوّج إلى المؤثّر. فلا بدّ في موارد يتوهّم فيها تأخّر الشرط في الشرعيّات من التصرّف والتأويل.
فمنها : ما كان المتأخّر من قبيل شرط الوجوب كطلوع الفجر بالنسبة إلى توجّه الخطاب بالصوم من الليل.
ومنها : ما كان المتأخّر من قبيل شرط الواجب كالأغسال الليليّة لصوم المستحاضة.
ومنها : ما كان المتأخّر من قبيل شرط الوضع كالإجازة لعقد الفضولي على القول بالكشف.
وحلّ الإشكال من المورد الأوّل هو أنّ شرط التكليف ـ شرعيّا كان كما في المثال المتقدّم ، أو عقليّا كالقدرة في زمان الامتثال بالنسبة إلى تكليف سابق ـ هو أنّ الشرط ليس ذلك الأمر المتأخّر ؛ فإنّه ليس شرطا لحقيقة التكليف ولا شرطا لإنشائه.
أمّا عدم كونه شرطا لإنشائه فذلك واضح ؛ فإنّ الإنشاء لا يحتاج إلى شرط ، بل مهما أراد الشخص أن ينشئ ، أنشأ بلا ترقّب حالة.
وأمّا عدم كونه شرطا لحقيقة التكليف فلأنّ حقيقة الطلب ـ الذي هو عين الإرادة القائمة بنفس المولى التي هي عين العلم بالصلاح ، أو صفة أخرى متولّدة من العلم ـ لا يتوقّف وجودها على قدرة المكلّف من الفعل المعلوم صلاحه ، فضلا عن أن تكون قدرته في الحال قبل ظرف الامتثال.
نعم ، جواز البعث عقلا نحو المعلوم صلاحه موقوف على قدرة المكلّف منه في ظرف الامتثال ، بمعنى صدق أنّ المكلّف قادر في زمان كذا ، والصدق المذكور حاصل فعلا. وكفى ذلك في خروج البعث من القبح ، فلو لا هذا الصدق لم يسغ البعث وإن كان المكلّف قادرا فعلا (١).
وقد يجاب عن الإشكال بما حاصله : أنّ الشرط في باب التكاليف بل وكلّيّة المجعولات هو علم الجاعل بالمتأخّر لا نفس المتأخّر ، والعلم حاصل فعلا فكان الشرط فعليّا. وكذا
__________________
(١) لوضوح أنّه بقدرته فعلا ، مع عدم قدرته في ظرف الامتثال ، لا يخرج بذلك عن القبح.