على ذلك أمران :
الأوّل : أنّ
التعارض في الحقيقة واقع بين دليل اعتبار الخبر وبين عموم الكتاب ، والنسبة عموم
من وجه ، والمتعارضان بالعموم من وجه يتركان ويرجع إلى دليل ـ من أصل أو عموم ـ فوق.
والشاهد على أنّ التعارض بين دليل اعتبار الخبر وظاهر الكتاب لا بين نفس الخبر
وظاهر الكتاب أنّه لو لا دليل الاعتبار لم يكن بظاهر الخبر اعتداد ولا بنصّه. فكلّ
ما صنعه ، صنعه دليل الاعتبار. فروح المعارضة قائمة بدليل الاعتبار.
وقد يتوهّم أنّ
الخبر بدلالته وسنده صالح للقرينيّة على الكتاب بخلاف العكس .
ويدفعه : أنّه إن
أريد من الصلاحيّة للقرينيّة أنّ دليل الاعتبار بنصبه للخبر الخاصّ مقابل عموم
الكتاب يكون شارحا مفسّرا له بأنّ المراد منه ما عدا ما تضمّنه الخبر ، فهو ضعيف
بأنّ الخبر الخاصّ إذا لم يكن في نفسه شارحا مفسّرا ، بل كان معارضا بالعموم
والخصوص ، كيف يكون دليل اعتباره شارحا مفسّرا؟! بل يكون بنصبه للمعارض معارضا ؛
وذلك أنّ دليل الاعتبار لا يزيد شيئا سوى أن ينصب الخبر حجّة ، فإن كان الخبر
بنفسه شارحا كان هذا بنصبه للشارح شارحا ، وإن كان معارضا كان هذا معارضا ، فلا
شأن له مستقلّ.
وإن شئت قلت : إنّ
مؤدّى دليل «صدّق» هو بعينه مؤدّى الأخبار الخاصّة واجد على وجه الإجمال لتفاصيل
الأخبار الخاصّة ، مع ذلك نسبته مع عموم الكتاب عموم من وجه وإن كانت نسبة الأخبار
الخاصّة عموما مطلقا ؛ وذلك لعدم اختصاص دليل «صدّق» بالأخبار المخالفة للكتاب ،
فكما أمكن تخصيص الكتاب بالخبر أمكن تخصيص «صدّق» بالأخبار الموافقة.
وان اريد من من
الصلاحيّة للقرينيّة أنّ تخصيص «صدّق» بالأخبار الموافقة للكتاب تخصيص للأكثر ؛
لندرة خبر لا يكون مخالفا لعموم الكتاب ـ ولو عموم (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي
الْأَرْضِ) و (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) وأشباهها ـ بخلاف تخصيص عموم الكتاب بالأخبار المخالفة ،
فهو مدفوع بأنّ الأخبار المخالفة لعموم الكتاب أقلّ قليل في جنب بقيّة الأخبار.
__________________