لعدم كونه في موقع لو تفحّصنا لظفرنا به ـ كان الظهور الذي بأيدينا حجّة بلا حاجة إلى الفحص. بل ولا معنى للفحص ، إلّا أن يكون الفحص لأجل تعيين هذا المعنى ، وأنّه غير حجّة على تقدير وجوده لعدم كونه في محلّ الظفر ، أو حجّة لأجل الظفر به. وذلك يحصل بالفحص إلى أن يحصل اليأس.
فمناط الفحص عمّا يزاحم الظهور هو بعينه مناط الفحص عمّا يعارض السند ، وهما جميعا مناط الفحص عن الحجّة على خلاف الأصل. ومقدار الفحص في الجميع واحد ، وهو أن يبلغ الفحص مبلغا كان احتمال المعارض أو لبيان احتمالا لما ليس بحجّة لتعسّر الظفر به. هذا في الشكّ في القرائن المنفصلة.
وأمّا إذا شكّ في القرينة المتّصلة فالأمر فيه أوضح وعدم الأخذ بالظهور فيه أجلى ؛ وذلك لعدم إحراز ما هو ظاهر [الكلام] ، إذ الكلام على تقدير اتّصاله بالقرينة له ظهور ، وعلى تقدير عدم اتّصاله بها له ظهور آخر. فكان الشكّ في الاتّصال وعدمه شكّا في ظاهر ما صدر من المولى ، ومعه فبما ذا يؤخذ؟! بل من هذا البيان يظهر عدم الأخذ بظاهر ما وصل حتّى بعد الفحص وعدم الظفر إلّا أن يقطع بعدم الوجود أو ما بحكم القطع.
وأمّا ما يرى من عمل أهل المحاورات بظواهر ما يجري بينهم من المخاطبات بلا فحص عن المزاحمات فوجهه قطعهم بعدم الصارف المتّصل وعدم حجّيّة الصارف المنفصل ؛ لأنّ طريق بيانهم لمقاصدهم هو المشافهة ولم يشافه بغير ما ألقاه من الخطاب. ولذا لو احتملوا ـ احتمالا معتدّا به ـ وجود صارف متّصل أو منفصل توقّفوا عن العمل ، كما إذا سمعوا عقيب الكلام همهمة واحتملوا أنّ الصارف فيها ، أو اقتطع من المكتوب ما احتملوا اشتماله على الصارف ، أو احتملوا أنّ الصارف مثبت في دفتره ، أو مودع عند صاحبه وكان عادته جارية على ذلك ، ففي كلّ هذا لا يعملون بظاهر ما بأيديهم حتّى يقفوا من الصارف على يقين أو اطمئنان.
فتحصّل أنّ ظواهر ما بأيدينا من الكتاب والسنّة لا يعمل بها حتّى يحرز عدم صارف متّصل ولا منفصل [يكون] حجّة على تقدير وجوده.
نعم ، إذ كان كلام الناقل للرواية ظاهرا في نقل جميع ما سمعه كانت قضيّة «صدّق العادل» التعبّد بعدم الصارف المتّصل. لكنّ هذا الظهور ممنوع في كلام أصحاب الجوامع