دليل مخصّص منفصل زاحم هذا الظهور مع بقاء الظهور الأوّل. وقضيّة انحفاظ الظهور الأوّل هو الحكم بأنّ ما عدا ما زوحم مراد جدّا.
وفي كلا الوجهين عندي نظر.
أمّا الأوّل فبمنع ثبوت دلالات متعدّدة عرضيّة للعامّ كي لا يبطل بعضها ببطلان البعض الآخر ، وكيف يؤثّر وضع واحد في حدوث دلالات متعدّدة؟!
ولو صحّ كان اللازم أن يكون كلّ فرد من أفراد العامّ هو تمام مدلول اللفظ كما أنّ المجموع تمام مدلوله ، فيكون العامّ مشتركا بين الكلّ والأبعاض. وهذا باطل بالقطع ، فإنّ العامّ من هذه الجهة ليس إلّا كلفظ «عشرة» ليس معناه إلّا مجموع الآحاد وغيره أبعاض معنى ودلالته عليه ضمنيّة فلفظ العامّ يكشف كشفا واحدا عن المعنى العمومي. فإذا انهدم هذا الكشف بقيام القرينة على التخصيص انهدم الكشف الضمني على الأبعاض ، واحتاجت إرادة الأبعاض كلّا أو بعضا إلى دلالة دليل آخر.
هذا ، مع أنّ لفظا واحدا كيف يوصف بالحقيقة والمجاز جميعا؟!
وأيضا المجاز هو استعمال اللفظ في خلاف ما وضع له لا عدم استعماله فيما وضع له وإلّا كان عدم استعمال اللفظ في شيء أو السكوت وعدم التكلّم تجوّزا!
وأمّا الثاني فبأنّ أصالة الظهور أصل يسلك به إلى تعيين المراد الواقعي وسلّم يعرج به إلى المراد الجدّي ، فإذا نهض ما يصدّ من حمل اللفظ على المراد الجدّي في تمام مدلوله لم يبق ما يقتضي حمله على المراد الجدّي في بعض مدلوله. فليس حال اللفظ في الكشف عن المراد الجدّي إلّا كحاله في الكشف عن المراد الاستعمالي في أنّه إذا بطل كشفه فيما كان كاشفا عنه بطل رأسا ولم يقض بشيء.
والحقّ في المقام هو التفصيل بين العموم المجموعي والاستغراقي ، ففي الأوّل يسقط العامّ عن الاعتبار بعد قيام الدليل على التخصيص دونه في الثاني ؛ وذلك لأنّ الدليل خاصّ العامّ عن الاعتبار بعد قيام الدليل على التخصيص دونه في الثاني ؛ وذلك لأنّ الدليل خاصّ في الأوّل يعارض العامّ على وجه التباين دون العموم والخصوص المطلق ، فلا وجه لارتكاب التخصيص فيه إلّا أن يكون الجمع العرفي قاضيا بارتكاب التجوّز فيه بحمله على الاستغراقي ثمّ تخصيصه.
توضيحه : أنّ العامّ المجموعي حاله كحال الألفاظ الموضوعة للمركّبات وكحال الألفاظ