الطبيعة بقيد كونها في ذلك الواحد مأمورا بها ـ أو أنّه لا تخرج الطبيعة الواقعة تلو الأمر عن انبساطها وسعتها باتساع القدرة في أفرادها وعدم اتّساعها ، ففرد واحد إذا كان مقدورا فهو كما لو كان كلّ الأفراد مقدورا في أنّ الطبيعة المأمور بها هي لا تزيد ولا تنقص؟
وهذا هو الأظهر عندي ؛ فإنّ الطبيعة بذاتها وجوهرها سيّالة لا تهبط عن سيلانها ، كما أنّ الشخص بعكس ذلك راكد جامد لا يزول عن جموده ما دام شخصا ، فلحاظهما على صفتي السريان والجمود لحاظ لهما على ما هو ثابت في ذاتيهما. وأمّا كثرات الأفراد فهي خارجة عن تحت الطلب ، وما هو خارج عن تحت الطلب لا يؤثّر فيما هو داخل ، وما هو داخل واحد لا كثرة فيه ، ومتعلّق واحد لا يتحمّل إلّا حكما واحدا ، وحكم واحد لا يستدعي إلّا قدرة واحدة. ولازم ذلك عدم اختلاف الحال باتّساع القدرة في دائرة الأفراد وعدم اتّساعها إذا كان مورد التكليف أمرا وراء الأفراد ، فلئن عمّت القدرة جميع الأفراد أو خصّت فردا واحدا كان الأمر بالطبيعة ذلك الأمر بلا توسعة ولا تضييق.
نعم لا نتحاشى من أن تجمع طبائع متعدّدة في عبارة واحدة ، ثمّ يؤمر بالجميع على وجه ينحلّ الأمر الواحد إلى أوامر ـ حسب ما وسعته القدرة وشملته العبارة ـ لكنّ ذلك خارج عن المقام من تعلّق الأمر بطبيعة واحدة. والعموم الأصولي من هذا القبيل ؛ فإنّ خطاب «أكرم العلماء» أمر بطبائع متعدّدة حسب تعدّد أشخاص العلماء ـ أعني طبيعة «أكرم زيدا العالم» الشامل لكلّ فرد من أفراد إكراماته ، وكذلك طبيعة إكرام عمرو العالم وبكر العالم وهكذا إلى آخر الأفراد ـ وليس الأمر متعلّقا بالأشخاص ؛ لما عرفت أنّ الشخص لا يؤمر به. نعم ، يكون موضوعا للحكم ومفعولا به للفعل الكلّي المتعلّق به الحكم.
وحاصل الكلام وملخّص المقام هو : أنّ سعة التكليف وعدم سعته ـ بسعة القدرة وعدم سعتها ـ إنّما يكون في العامّ الأصولي دون العامّ المنطقي المتعلّق فيه الحكم بالطبيعة الواحدة.
وانقسام العامّ إلى الاستغراقي والمجموعي والبدلي أيضا يكون في العامّ الأصولي دون العامّ المنطقي فإنّه على قسم واحد.
نعم ، يختلف اقتضاء الطلب المتعلّق بالطبيعة باختلاف أقسام الطلب حتّى يظنّ أنّ العامّ