تعالى في الخفاء ، وقد حذرنا عزوجل من هذا القسم في عدّة مواضع من القرآن الكريم ، قال تعالى : (لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ) [سورة المائدة ، الآية : ٩٤] ، وقوله تعالى : (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ٤٩].
أو يكون في الصفات والملكات ، كأن يظهر الحلم وهو على خلاف ذلك ، أو يظهر السخاء وهو بخيل ، ونحو ذلك.
أو يكون في الأخلاق ، كما إذا أحسن القول صدقا وعفوا وهو على خلاف ذلك ، وأعظم النفاق ما إذا استولى على جميع مشاعر الإنسان وجوارحه وجوانحه ، والآيات الشريفة المتقدّمة بيّنت هذا القسم وعظيم أثره وتومي الى بقية الوجوه ، كما لا يخفى.
وكيف كان ، فإنّ النفاق في أي وجه كان ربما يكون على دقّة لا يمكن التمييز بين الاعتقاد السليم عن غيره ، وقد ورد في الحديث : «أنّه لا يغرّنكم كثرة صلاة أحدكم وصيامه ، ولكن انظروا الى حسن عقيدته».
ولكن لا يخفى أنّ ذلك لا ينافي ما ورد من الحكم بإسلام المرء إذا صلّى وصام وعاشر المسلمين ، فإنّ ما ورد في النفاق إنّما هو بينه وبين الله تعالى ، وأنّ الله عزوجل يخدعه لو أراد خديعته تعالى.
وفي الآيات المباركة إيماء بأنّ نفاق الإنسان يظهر على أفعاله وأقواله واعتقاداته ، بعيدا أم قريبا ، مهما اجتهد على اخفائه ، وسيظهر أثر السيء على نفسيته ما لم يتب منه توبة نصوحا ، كما فضّله عزوجل.