الآية : ١٤٥] ، فإنّه جعل غير الثلاثة الّتي هي رجس من الفسق وعدّ منه ما اهل لغير الله به.
ويحتمل رجوعها إلى الأخيرين من بعد الاستثناء (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) ؛ لحيلولته عمّا قبله ، أي : ما ذبح على النصب والاستقسام بالأزلام.
وقيل : إنّها ترجع الى الأخير فقط. وهو بعيد عن سياقها.
وكيف كان ، فإنّ الإشارة بالبعيد فيها الدلالة على بعدها عن الخير.
قوله تعالى : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ).
سياق الآية الكريمة يدلّ على أنّها جملة معترضة اقحمت في ضمن الآية الكبيرة المباركة الّتي نزلت لبيان محرّمات الطعام ، ومن عادة القرآن الكريم أنّه إذا أراد بيان أمر من الأمور الّتي لها أهميّة خاصّة أدرجه في ضمن الآيات الكريمة لحكم متعدّدة ، ويعتبر ذلك أسلوبا بلاغيا مستحسنا عند البلغاء والفصحاء ، ويظهر ذلك بوضوح في قوله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً* وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً* وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً) [سورة الأحزاب ، الآية : ٣٢ ـ ٣٤] ، فإنّ الآيات الشريفة نزلت في شأن نساء النبي صلىاللهعليهوآله ، إلّا أنّ قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) جملة معترضة ذات دلالة مستقلة لا تتوقّف على بقية الآية الشريفة تبيّن قضية مهمّة ، وهي عصمة أهل بيت النبي الّذين قرن الله طاعتهم بطاعته.
وفي المقام : صدر الآية المباركة يدلّ على حرمة الميتة وبقية محرّمات الطعام ، وذيلها يدلّ على حلّيتها حال الاضطرار والمخمصة ، فمجموع الصدر والذيل له وحدة دلالية كاملة متناسقة لا تتوقّف على شيء آخر ، نظير قوله تعالى : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ