ثمّ إنّ القاعدة لا تشمل ما تداول في هذه الأعصار من التزريق ؛ لعدم تحقّق عنوان الشرب ، كما لا تشمل ما لو انقلب الدم الى شيء آخر.
وقد استثنيت من القاعدة المتقدّمة موارد :
منها : الدم المتخلّف في الذبيحة لإطلاق دليل حلّية أكل الذبيحة ، كما مرّ. ويشترط فيه أن يخرج الدم عن الذبيحة بالقدر المتعارف من مثلها ، وأن تكون مأكول اللحم ، وأن لا يرجع دم المذبح الى الجوف ، كلّ ذلك لأجل أدلّة خاصّة ذكرناها في كتاب الطهارة من (مهذب الأحكام).
ومنها : الدم من غير ذي النفس ممّا حلّ أكله كالسمك الحلال إذا أكل مع السمك ، وأمّا لو شرب منفردا فلا يبعد الحرمة للقاعدة المتقدّمة ، وأنّه من الخبائث وإن كان طاهرا.
ومنها : القلب والكبد من الحيوان مأكول اللحم ، لقاعدة الحلّية ، وعموم حلّية الذبيحة الشامل لجميع أجزائها الداخليّة والخارجيّة. ولكن المسألة مع ذلك مورد الإشكال تعرّضنا له في الفقه.
وهذه القاعدة كسائر القواعد الفقهيّة لها امتيازاتها ، كتقدّمها على الأصول العمليّة ، وحجّية لوازمها ، والتمسّك بها في موارد الشكّ.
وتثبت على الدم أحكام ثلاثة :
الأول : النجاسة ، فكلّ دم نجس إلّا ما أخرجه الدليل ، كدم الحيوان الّذي لا نفس له سائلة ، كالسمك والبرغوث وغيرهما.
الثاني : عدم جواز الانتفاع منه ، إلّا إذا كان فيه غرض عقلائي معتدّ به فيصحّ بيعه ، كما ذكرناه في المكاسب.
الثالث : حرمة شربه ، إلّا في موارد خاصّة كما مرّ ، وأمّا الصلاة مع الدم في اللباس أو على البدن ، ففيه تفصيل لا يسع المقام ذكره ، ومن شاء فليرجع الى كتاب الطهارة في شرائط لباس المصلّي. والله العالم.
القاعدة الثالثة : «كلّ حيوان قابل للتذكية إلّا ما خرج بالدليل» ، والأصل