تخرج عن مقدور البشر ، فينبغي أن يكون المقدّر عليها موصوفا بالإلهيّة.
هذه هي عمدة ما يمكن أن يستفاد من أقوالهم المتفرّقة وآرائهم المتشتّتة في هذه المسألة ، وقد خبطوا فيها كثيرا حتّى أخرجوها عن حدود الأدلّة والبراهين ، واستدلّوا عليها بأمور عاطفيّة وادّعاء الرؤية في المقام وغير ذلك ممّا لم يقم عليه برهان ، بل ادّعى بعضهم : «بأنّ الوهيّة المسيح فوق المتعقّل ، ولكنه معقول» ، فإذا لم يكن متعقّلا فكيف يمكن أن يكون معقولا؟! فهل يكون الوهيّة الله تعالى الّتي اتّفقوا عليه أمرا غير متعقّل إلّا أن يقال : بأنّ الوهيّة المسيح إنّما تكون كذلك لأنّه إنسان مخلوق حادث ويراد إخراجه عن حدود البشريّة والعروج به الى حدود الإلهيّة الّتي عرفت أنّها تختصّ بالواحد الأحد ، ويستحيل أن يصل إليها أحد من المخلوقات.
وكيف كان ، فنحن نتعرّض في المقام الى ما يمكن أن نذكره من المناقشات في ما ذكروه إجمالا ، والتفصيل في موضع آخر إن شاء الله تعالى.
ما يتعلّق بعقائدهم :
ذكرنا جملة من عقائد المسيحيين في السيد المسيح عليهالسلام ، وكثير منها إن لم تكن كلّها دعاوي مجرّدة لم يقم عليها دليل إن لم تكن الأدلّة على خلافها ، وحاول بعضهم إقامة الأدلّة العقليّة والنقليّة عليها ولكنه لم يأت بشيء جديد سوى إضافة دعاوي جديدة عليها والاستدلال بأمور عاطفيّة أو عنايات أو بما هو أقرب الى الجدل والسفسطة ، كما لا يخفى على من راجعها في كتبهم. ولظهور فسادها اعترف بعضهم بأنّ مسألة تجسّد الكلمة ـ الّتي هي من أمهات عقائدهم ـ فوق عقولنا ولكنّه معقول ، ولم يعلم وجه هذا القول ، فإنّ المسألة إذا خرجت عن حدود فهم البشريّة وكانت فوق عقولهم كيف يمكن أن تكون معقولة ويقام عليها الأدلّة العقليّة؟!.