هدايتهم الى معرفة ربّ الأرباب ، ونجاتهم من المهالك والظلمات.
أو (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) بإفشاء أسرار الربوبيّة وإعلام المواهب الألوهيّة على من لا يليق بالتشرّف لساحة قدسه ، وران على قلبه ، وتاه في الظلمات فعمى عليه معرفة الخير من الشرّ (إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) بغلبات الأحوال من إظهار شيء من الحجّة والبرهان ، لا بإفشاء الأسرار ورفع الحجب.
وعلى أي حال ، (كانَ اللهُ) في الأزل والأبد (سَمِيعاً) لأقوالكم و (عَلِيماً) بأحوالكم ومقاماتكم. و (إِنْ تُبْدُوا خَيْراً) ممّا أفاض عليكم من النّعم والحالات وما وهب لكم من المكاشفات بترقّي النفوس الى المقامات ووصولها إلى أعلى الدرجات ، (أَوْ تُخْفُوهُ) حفظا عن الشوائب وصونا عن المكائد (أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ) بترك إعلام ما جعل الله إظهاره سوءا ، أو تعفوا بما تدعوكم به النفس الأمارة بالسوء بأن لا تتّبعوها أو تصفحوا عن المسيء كما يصفح عنكم الجليل ، (فَإِنَّ اللهَ) كان في الأزل والأبد رحيما ، وبمقتضى رحمته كان (عَفُوًّا) عنكم لو اتّصفتم بمظاهر أخلاقه جل شأنه ، (قَدِيراً) على كلّ شيء ، فإنّه قادر على أن لا يعفو عن أحد ويذلّ عبده بردّه إلى نفسه وهواه وإيكاله الى نفسه مع الاختيار ويؤاخذه لكفرانه ، فإنّه (لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [سورة إبراهيم ، الآية : ٣٤] ، ولكن رحمته الّتي وسعت كلّ شيء ، ومحبّته لخلقه ورأفته لهم تقتضيان أن يعفو عن الجميع ، فإنّه (يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) [سورة الزمر ، الآية : ٥٣] ، ويعفو عن المسيء مهما توغّل في الظلمات وبعد عن ساحة قدس ربّ السماوات.
بحث فقهي
من المعاصي الكبيرة الغيبة ، وهي : أن يذكر خلف إنسان ما هو مستور يغمّه لو سمعه ، فإن كان صدقا سمّي غيبة وإلّا فهو البهتان الّذي هو أشدّ من الغيبة ، بل من الموبقات.