قاعدة الجب المستندة الى قول نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «الإسلام يجبّ ما قبله ، والتوبة تجبّ ما قبلها» ـ أي يمحوان ما كان قبلهما من الكفر والنفاق والمعاصي والذنوب ـ مأخوذة من هذه الآيات المباركة وأمثالها.
الثاني عشر : يستفاد من قوله تعالى : (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً) أنّه في مقام الامتنان على المؤمنين ـ سواء من تقدّم منه النفاق أو من لم يتقدّم منه ـ ولا يضرّهم النفاق السابق بعد التوبة الخالصة ، وأنّ كلمة الإطماع أو الترجئة (وسوف) من الله تعالى إيجاب ؛ لأنّه أكرم الأكرمين ، ووعد الكريم إنجاز.
واتّصاف الأجر بالعظمة إما لأنّه من الكريم ، وما يفيض منه لا يقدر بقدر فيكون عظيما ، كما في القدسيات : «من تقرّب إليّ شبرا ، تقرّبت إليه ذراعا ، ومن تقرّب إليّ ذراعا تقرّبت إليه باعا ، ومن أتانى يمشي أتيته هرولة» ، فمن توجّه الى عالم الغيب بالإيمان الكامل يهب له من نفحاته إلى أن يصل قرب ساحة كبرياء أنسه.
وإمّا لأهليّة الطرف ، فإنّ الإيمان بالله وصيرورة العبد مؤمنا باليقظة عن نومة الغفلة ، بالرجوع الى الحقّ ، يقتضي أن يكون أجره عظيما ؛ لقانون النسبة والتناسب.
الثالث عشر : يدلّ قوله تعالى : (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ) أنّه سبحانه وتعالى منزّه عن الصفات غير الحميدة ، وهي الصفات السيئة الّتي تخصّ الملوك غالبا ، كالتشفّي من الغيظ وأخذ الثأر واستجلاب النفع وغيرها ؛ لأنّه جلّت عظمته غني لذاته وبذاته ، وفي الحديث : انّ الله تعالى قال لموسى عليهالسلام : «ما خلقت النار بخلا مني ، ولكن أكره أن أجمع أعدائي وأوليائي في دار واحد» ، وقد أدخل سبحانه تعالى بعض عصاة المؤمنين النار ليعرفوا قدر الجنّة ومقدار ما دفع الله عنهم من عظيم النقمة ، ولتعظيم النعمة الّذي هو واجب عقلي.
الرابع عشر : يستفاد من تقديم الشكر على الإيمان في قوله تعالى : (إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) أنّ المؤمن لا بدّ أوّلا أن يعترف بنعمة العبوديّة لله تعالى ، ثمّ