كلّية سارية في جميع الأزمنة والمجتمعات. ولا حاجة بعد ذلك الى سرد تلك الروايات والمناقشة فيها بعد ما عرفت.
وفي تفسير العياشي بإسناده عن أبي بصير قال : «سمعت الصادق عليهالسلام يقول : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) من زعم أنّ الخمر حرام ثمّ شربها ، ومن زعم أنّ الزنا حرام ثمّ زنا ، ومن زعم أنّ الزكاة حقّ ولم يؤدّها.
أقول : يستفاد من هذه الرواية امور :
الأوّل : أنّ المعصية ـ سواء كانت فعل محرّم أو ترك واجب ـ مرتبة من الكفر ولو كانت أدناها ، فلا تنافي بين هذه الرواية وما تسالموا عليه من أنّ ترك الواجب أو فعل الحرام لا يوجب الكفر ، أي بالمرتبة العالية.
أو يجمع بينهما بأنّ الرواية في مقام بيان إنكار أصل الحكم وجحوده ، فيرجع الى إنكار الضروري الّذي يؤدّي الى الكفر بالاتّفاق ، كما ذكرناه في كتابنا (مهذب الأحكام).
الثاني : سياق الآية المباركة وإن كان في الكفر في اصول الدين بأعلى مراتبه ـ كما يدلّ ذيلها ـ إلّا أنّ تمسّك الإمام عليهالسلام بها في الكفر في الفروع تكون قرينة على أنّ الكفر الوارد فيها عامّ بجميع مراتبه ، فيشمل الكفر في الفروع أيضا.
الثالث : لا بدّ في الإيمان من الحجّة الظاهريّة ؛ لأنّ الاعتقاد أو الزعم لا يتحقّق إلّا بها وأنّ المدار عليها ، لا الواقع المستور عنا ، كما ذكرنا ذلك مفصّلا في كتابنا (تهذيب الأصول).
الرابع : أنّ للاختيار دخلا في كلّ منهما ، فلا عبرة بما لا يكون كذلك ، كما هو المنساق من الآية المباركة وظاهر الرواية.
وفي الدّر المنثور في قوله تعالى : (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) عن أنس قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الله يقول كلّ يوم أنا ربّكم العزيز ، فمن أراد عزّ الدارين فليطع العزيز».