به وغيره يطرح. وقد عرفت أنّه عزوجل ذكر هذا الموضوع بإسهاب وبأسلوب واضح رصين ممّا لم يذكره عزوجل في غيره من قتل الأنبياء والمصلحين الّذين عرفت اليهود بقسوتهم عليهم وضراوتهم بسفك دمائهم.
ولعمري إنّ مسألة الصلب لا تكون أكثر أهميّة من قتل اليهود للأنبياء بغير حقّ ، كما حكى عزوجل عنهم في القرآن الكريم حيث جعل ذلك من مظاهر كفرهم وشدّد النكير عليهم ووبخهم عليه أعظم توبيخ ـ لو لا أنّ النصارى جعلوها أساس العقيدة المسيحيّة وأصل الدين عندهم ، فمن آمن بالصلب والفداء فقد فاز بالملكوت الأعلى وصحبة المسيح والصلحاء ونجي من المهالك ، ومن كفر به فقد خاب وكان في الآخرة من الخاسرين.
ولأجل ذلك نحن نذكر في هذا البحث عقيدة النصارى في هذا الموضوع وما استدلّوا به في إثباته وما يمكن أن يورد عليه من الدليل العقلي والنقلي وبعض شبههم على سبيل الإيجاز.
عقيدة النصارى في الصلب
ترى النصارى أنّ صلب المسيح عيسى بن مريم عليهالسلام إنّما كان فداء عن البشر ؛ لأنّ آدم أبا البشر لما عصى الله تعالى بالأكل من الشجرة الّتي نهاه عزوجل عن الأكل منها ، صار بذلك هو وجميع أفراد ذرّيته الى يوم يبعثون خطاة مستحقّين للعقاب بسبب ذنب أبيهم.
كما أنّهم مستحقّون للعقاب بذنوبهم أنفسهم ولما كان الله تعالى متّصفا بالعدل والرحمة ، فإذا أراد أن يعاقب آدم وذرّيته كان منافيا لرحمته. وإذا لم يعاقبهم كان منافيا لعدله ، فلا يكون عادلا ، فكان عزوجل متردّدا بين العقاب والعفو حتّى عصر المسيح عليهالسلام ، فحلّ ابنه (عزوجل) الّذي هو نفسه في بطن امرأة من ذرّية آدم عليهالسلام فأولده منها ليكون إنسانا كاملا من حيث هو ابنها ، وإلها كاملا من حيث