وذكر بعض أنّ الرضا في قوله تعالى : (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) نظّر فيه معنى الاختيار ؛ فلذا عدّي ب (اللام) للدلالة على أنّ ارتضاه عزوجل للإسلام إنّما هو لصالح المؤمنين ولأجل سعادتهم.
ومنهم : من جعل الجارّ صفة ل (دين) منصوبا على الحاليّة من الإسلام أو تمييزا من (لكم) ، وقيل : (دينا) منصوب على الحاليّة من الإسلام أو تمييز من (لكم).
وقيل : إنّ الجملة مستأنفة لا معطوفة على (أكملت) ، وإلّا كان مفهوم ذلك أنّه لم يرض لهم الإسلام قبل ذلك اليوم.
ولكنّه باطل ، فإنّ الإسلام لم يزل دينا مرضيا لله عزوجل ، قال تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٩] ، وما ذكره من المفهوم فاسد لا اعتبار به ، فالجملة معطوفة على سابقتها ، وهي لبيان عظمة هذا اليوم ، وأنّ الإسلام الّذي أكمل بهذا التشريع واتمّ بهذه النعمة قد صار دينا خالدا أبديّا لا ينسخ وفي مأمن من الأعداء كما عرفت ، وهذه من جملة التشكيكات الباطلة في هذه الآية المباركة لإخراجها عن مفادها الواقعي وإدخالها في متاهات المفسّرين.
والمخمصة : من الخمص ، وهو ضمور البطن ، يقال : رجل خميص وخمصان وامرأة خميصة ـ على المبنى كما مرّ ـ وخمصانة ، ومنه : أخمص القدم ، أي : باطنها الّذي لا يصيب الأرض ؛ فيكون في مشقّة وتعب ، ويستعمل كثيرا في الجوع الغرث قال الشاعر :
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم |
|
وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا |
وفي حديث صفات المؤمن : «خماص البطون خفاف الظهور» ، أي : أنّهم أعفّة عن أموال الناس وهم ضامروا البطون من أكلها ، خفاف الظهور من ثقل وزرها ومحنة إثمها.
والخماص : جمع الخميص ، وهو البطن الضامر ، كما أنّ الخمائص جمع خميصة ، ومنه الحديث : «كالطير تغدو خماصا وتروح بطانا» ، أي تغدو بكرة وهي جياع