قال اليعقوبي : « سألته يوماً وقلت له : عن أي شيخ أخذت ، وعلى أي استاذ تخرجت. فقال : على الله » (١).
ولكن ابنه المرحوم الحاج عبد الحسين أخبرني يوماً ، قال : « ان أباه كان قد درس في المدارس الحكومية أيام الحكم العثماني ، وانه تخرج فيها ، كما أنه كان قد أتقن اللغة التركية والفارسية وتأدب بهما ، كما أتقن الفرنسية والعبرية إضافة إلى اللغة العربية ، وكان أن عُرضت عليه وظيفة حكومية بدرجة عالية ، إبان الحكم العثماني بناءً على ثقافته ودراسته ، إلا أنه امتنع عن اشغالها لاعتقاده بعدم جواز التعاون مع حكومة لا تقوم على أساس الإسلام الصحيح ، وان ما سيتسلمه من مرتب هو غير حلال ».
وقد كان المترجم له « فائق الذكاء ، سريع الخاطر ، متوقد الذهن ، حاضر البديهة ، أجاد في النظم ، وأتقن الفارسية والتركية ، وترجم عنهما كثيراً (٢) كما ترجم كثيراً من مفردات ومثنيات الشعر الفارسي والتركي ، إلى العربية شعراً.
وقد امتاز ( رحمه الله ) بسمو أخلاقه وعفه نفسه ، ووفائه لأصدقائه ، لذا كان حانوته ندوة أدب ، ومنتدى فكر ، ومدرسة شعر ، يختلف اليه الادباء والعلماء ، كما يؤمّه الشعراء والمتأدبون ...
ولما ثار الحليون على السلطة التركية ١٣٣٤ ه. وسادت الفوضى فيها خشي المترجم له سوء العاقبة ، وخشي هجوم الأتراك لارجاع سلطتهم ثانية ، وفتكهم فيها ( كما وقع فعلاً بعد ذلك في واقعة عاكف ) انتقل بأهله الي الكوفة التي كان قد « بنى فيها داراً وعقاراً قبل هذه الحوادث » (٣) وأقام فيها حتى
__________________
١ و ٣ ـ البابليات ج ٣ / القسم الثاني / ص ٦٩.
٢ ـ طبقات اعلام الشيعة : اغا بزرك الطهراني. وهو « للكرام البررة في القرن الرابع بعد العشرة » ج ١ / ق ٣ / ١٢٢٦.