وتفخيم لأمرها ،
يريد انك لا تعلم تفصيلها وأنواع ما فيها من العقاب وإن كنت تعلمها على طريق
الجملة والهاء في هيه للوقف. ثم فسّرها فقال (نارٌ حامِيَةٌ) أي نار حارة شديدة الحرارة.
سورة التكاثر
مكيّة وآياتها ثمان
آيات
١ ـ ٨ ـ (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) أي شغلكم عن طاعة الله وعن ذكر الآخرة التكاثر بالأموال
والأولاد ، والتفاخر بكثرتهما (حَتَّى زُرْتُمُ
الْمَقابِرَ) أي حتى أدرككم الموت على تلك الحال ، وقيل : الهيكم
التباهي بكثرة المال والعدد عن تدبّر أمر الله حتى عددتم الأموات في القبور. ثم
ردّ الله تعالى عليهم هذا فقال (كَلَّا) أي ليس الأمر الذي ينبغي أن تكونوا عليه التكاثر ، ثم
أوعدهم فقال (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ثم أكّد ذلك وكرّره فقال (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ
تَعْلَمُونَ) قال الحسن ومقاتل : هو وعيد بعد وعيد والمعنى : سوف تعلمون
عاقبة تباهيكم وتكاثركم إذا نزل بكم الموت وقيل معناه : سوف تعلمون في القبر ، ثم
سوف تعلمون في الحشر (كَلَّا لَوْ
تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) هذا كلام آخر يقول : لو تعلمون الأمر علما يقينا لشغلكم ما
تعلمون عن التفاخر والتباهي بالعز والكثرة ، وعلم اليقين : هو العلم الذي يثلج به
الصدر بعد اضطراب الشك فيه. ثم استأنف سبحانه وعيدا آخر فقال (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) يعني حين تبرز الجحيم في القيامة قبل دخولهم إليها (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها) يعني بعد الدخول إليها (عَيْنَ الْيَقِينِ) كما يقال : حقّ اليقين ، ومحض اليقين ومعناه : ثم لترونها
بالمشاهدة إذا دخلتموها وعذبتم بها (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ
يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) قال مقاتل : يعني كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير
والنعمة فيسئلون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه إذا لم يشكروا رب النعيم حيث
عبدوا غيره واشركوا به ، ثم يعذبون على ترك الشكر وهذا قول الحسن قال : لا يسأل عن
النعيم إلّا أهل النار ، وقال الأكثرون : إن المعنى : ثم لتسئلن يا معاشر المكلفين
عن النعيم قال قتادة : ان الله سائل كل ذي نعمة عما أنعم عليه وقيل : عن النعيم في
المأكل والمشرب وغيرهما من الملاذ عن سعيد بن جبير وقيل النعيم الصحة والفراغ ،
ويعضده ما رواه ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ وقيل
: هو الأمن والصحة عن عبد الله بن مسعود ومجاهد ، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد
الله عليهالسلام ، وقيل : يسأل عن كل نعيم إلّا ما خصه الحديث وهو قوله :
ثلاث لا يسأل عنها العبد : خرقة يواري بها عورته ، أو كسرة يسد بها جوعته ، أو بيت
يكنّه من الحرّ والبرد.
سورة العصر
مكية وآياتها ثلاث
آيات
١ ـ ٣ ـ (وَالْعَصْرِ) أقسم سبحانه بالدهر لأن فيه عبرة لذوي الأبصار من جهة مرور
الليل والنهار على تقدير الأدوار وهو قول ابن عباس والكلبي والجبائي وقيل : هو وقت
العشي ، عن الحسن وقتادة فعلى هذا أقسم سبحانه بالطرف الأخير من النهار لما في ذلك
من الدلالة على وحدانية الله تعالى بإدبار النهار وإقبال الليل ، وذهاب سلطان
الشمس كما أقسم بالضحى وهو الطرف الأول من النهار لما فيه من حدوث سلطان الشمس ،
وإقبال النهار وأهل الملتين يعظمون هذين