في الإسلام ، ولحب الله ورسوله ، ولم يخرجن لبغض زوج ، ولا لالتماس دنيا وروي ذلك عن قتادة وثالثها أن امتحانهن بما في الآية التي بعد وهو أن لا يشركن بالله شيئا ، ولا يسرقن ، ولا يزنين الآية عن عائشة. ثم قال سبحانه (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ) يعني في الظاهر (فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) أي لا تردوهن إليهم (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) وهذا يدل على وقوع الفرقة بينهما بخروجها مسلمة وإن لم يطلّق المشرك (وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا) أي وآتوا أزواجهن الكفار ما أنفقوا عليهن من المهر عن ابن عباس ومجاهد وقتادة ، قال الزهري : لو لا الهدنة لم يرد إلى المشركين الصداق كما كان يفعل قبل (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) أي ولا جناح عليكم معاشر المسلمين أن تنكحوا المهاجرات إذا أعطيتموهن مهورهن التي يستحل بها فروجهن لأنهن بالإسلام قد بنّ من أزواجهن (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) أي لا تمسكوا بنكاح الكافرات ، وأصل العصمة المنع ، وسمي النكاح عصمة لأن المنكوحة تكون في حبال الزوج وعصمته. وفي هذا دلالة على أنه لا يجوز العقد على الكافرة سواء كانت حربية أو ذمية وعلى كل حال ، لأنه عام في الكوافر ، وليس لأحد أن يخص الآية بعابدة الوثن لنزولها بسببهن ، لأن المعتبر بعموم اللفظ لا بالسبب (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) أي إن لحقت امرأة منكم بأهل العهد من الكفار مرتدة فاسألوهم ما أنفقتم من المهر إذا منعوها ولم يدفعوها إليكم كما يسألونكم مهور نسائهم إذا هاجرن إليكم وهو قوله (وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ) يعني ما ذكر الله في هذه الآية (حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ) بجميع الأشياء (حَكِيمٌ) فيما يفعل ويأمر به ، قال الزهري : ولما نزلت هذه الآية آمن المؤمنون بحكم الله وأدّوا ما أمروا به من نفقات المشركين على نسائهم ، وأبى المشركون أن يقرّوا بحكم الله فيما أمرهم به من أداء نفقات المسلمين فنزل (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ) أي أحد من أزواجكم (إِلَى الْكُفَّارِ) فلحقن بهم مرتدات (فَعاقَبْتُمْ) معناه : فغزوتم وأصبتم من الكفار عقبى وهي الغنيمة ، فظفرتم وكانت العاقبة لكم (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ) أي نساؤهم من المؤمنين (مِثْلَ ما أَنْفَقُوا) معناه : فأعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا من المهور ، كما عليهم أن يردوا عليكم مثل ما أنفقتم لمن ذهب من أزواجكم (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) أي اجتنبوا معاصي الله الذي أنتم تصدقون به ، ولا تجاوزوا أمره.
١٢ ـ ١٣ ـ ثم ذكر سبحانه بيعة النساء وكان ذلك يوم فتح مكة لما فرغ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من بيعة الرجال وهو على الصفا جاءته النساء يبايعنه فنزلت هذه الآية ، فشرط الله تعالى في مبايعتهن أن يأخذ عليهن هذه الشروط وهو قوله (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) على هذه الشرائط وهي (عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً) من الأصنام والأوثان (وَلا يَسْرِقْنَ) لا من أزواجهن ولا من غيرهم (وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ) على وجه من الوجوه ، لا بالوأد ولا بالإسقاط (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ) أي بكذب يكذبنه في مولود يوجد (بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ) أي لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم ، وقال الفراء : كانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها هذا ولدي منك ، فذلك البهتان المفترى بين أيديهن وأرجلهن ، وذلك أن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها ورجليها (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) وهو جميع ما يأمرهن به ، لأنه لا يأمر إلّا بالمعروف ، والمعروف : نقيض المنكر ، وهو كل ما دل العقل والسمع على وجوبه أو ندبه ، وسمي معروفا لأن العقل يعترف به من جهة عظم حسنه ووجوبه (فَبايِعْهُنَ) على ذلك (وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ) أي اطلب من الله أن يغفر لهن ذنوبهن ، ويسترها عليهن (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) أي صفوح عنهن (رَحِيمٌ)