بالحلي التي استعاروها ، وخلوصهم من استعبادنا (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) أي خائفون شرّهم ، وحاذرون : أي مؤدّون مقوون : أي ذوو أداة وقوة ، مستعدّون شاكون في السلاح ، وقال الزجاج : الحاذر المستعد والحذر المتيقظ. ثم أخبر سبحانه عن كيفية إهلاكهم بقوله (فَأَخْرَجْناهُمْ) يعني آل فرعون (مِنْ جَنَّاتٍ) أي بساتين (وَعُيُونٍ) جارية فيها (وَكُنُوزٍ) أي أموال مخبأة ، وخزائن ودفاين (وَمَقامٍ كَرِيمٍ) أي منابر يخطب عليها الخطباء عن ابن عباس وقيل هو مجالس الأمراء والرؤساء التي كان يحفّ بها الإتباع فيأتمرون بأمرهم أي المنازل الحسان التي كانوا مقيمين فيها في كرامة وقيل يريد مرابط الخيل لتفرد الرؤوساء بارتباطها عدة وزينة فصار مقامها أكرم مقام متروك (كَذلِكَ) أي كما وصفنا لك أخبارهم (وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ) وذلك ان الله سبحانه ردّ بني إسرائيل إلى مصر بعد ما أغرق فرعون وقومه ، وأعطاهم جميع ما كان لفرعون وقومه من الأموال والعقار والمساكن والديار (فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ) يعني قوم فرعون أدركوا موسى وأصحابه حين شرقت الشمس وظهر ضؤوها وذلك قوله (فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ) أي تقابلا بحيث يرى كل فريق صاحبه (قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) أي سيدركنا جمع فرعون ولا طاقة لنا بهم (قالَ) موسى ثقة بنصر الله تعالى (كَلَّا) لن يدركونا ولا يكون ما تظنون ، فانتهوا عن هذا القول (إِنَّ مَعِي رَبِّي) بنصره (سَيَهْدِينِ) أي سيرشدني إلى طريق النجاة (فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) وهو نهر النيل (فَانْفَلَقَ) أي : فانشق البحر وظهر فيه اثنا عشر طريقا ، وقام الماء عن يمين الطريق ويساره كالجبل العظيم وذلك قوله (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) أي فكان كل قطعة من البحر كالجبل العظيم والفرق الاسم لما انفرق والفرق مصدر (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ) أي قربنا إلى البحر فرعون وقومه حتى أغرقناهم عن ابن عباس وقتادة وقيل معناه : جمعنا في البحر فرعون وقومه عن أبي عبيدة ، وقيل معناه : وقرّبناهم إلى المنية لمجيء وقت هلاكهم (وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ) يعني بني إسرائيل أنجينا جميعهم من الغرق والهلاك (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) فرعون وجنوده (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) معناه : إن في فرق البحر وإنجاء موسى وقومه ، واغراق فرعون وقومه لدلالة واضحة على توحيد الله وصفاته التي لا يشاركه فيها غيره (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) معناه : انهم مع هذا السلطان الظاهر ، والبرهان الباهر ، والمعجز القاهر ، ما آمن أكثرهم ، فلا تستوحش يا محمد من قعود قومك عن الحق الذي تأتيهم به ، وتدلّهم عليه ، فقد جروا على عادة أسلافهم في إنكار الحق ، وقبول الباطل (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) في سلطانه (الرَّحِيمُ) بخلقه ، وقيل : العزيز في انتقامه مع أعدائه ، الرحيم في انجائه من الهلاك لأوليائه وقيل : انه لم يؤمن من أهل مصر غير آسية امرأة فرعون ومؤمن آل فرعون ، ومريم التي دلّته على عظام يوسف.
__________________
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين ، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين ، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين ، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين ، ومن قرأ ثلثمائة آية كتب من الفائزين ، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين ، ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار من تبر ، القنطار خمسة عشر ألف مثقال من ذهب ، والمثقال أربعة وعشرون قيراطا ، أصغرها مثل جبل أحد ، وأكبرها ما بين السماء إلى الأرض. أصول الكافي : ٢ / ٥٨٥.