يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه ، فجرى بينه وبينهما الصلح ، حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح ، إلا المراوضة فى ذلك. فلما أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يفعل ، بعث إلى سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة ، فذكر ذلك لهما ، واستشارهما فيه ، فقالا له : يا رسول الله ، أمرا تحبه فنصنعه ، أم شيئا أمرك الله به ، لا بدّ لنا من العمل به ، أم شيئا تصنعه لنا؟ قال : بل شىء أصنعه لكم ، والله ما أصنع ذلك إلا لأننى رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ، وكالبوكم من كل جانب. فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما. فقال سعد بن معاذ : يا رسول الله ، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان ، لا نعبد الله ولا نعرفه ، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى أو بيعا ، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له ، وأعزنا بك وبه ، نعطيهم أموالنا؟ والله ما لنا بهذا من حاجة ، والله لا نعطيهم إلا السيف ، حتى يحكم الله بيننا وبينهم. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فأنت وذاك. فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ، ثم قال : ليجهدوا علينا.
* * *
فأقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمون ، وعدوهم محاصروهم ، ولم يكن بينهم قتال ، إلا أن فوارس من قريش ، منهم عمرو بن عبد ود بن أبى قيس ، أخو بنى عامر بن لؤى ، وعكرمة بن أبى جهل ، وهبيرة بن أبى وهب ، المخزوميان ، وضرار بن الخطاب الشاعر ، ابن مرداس ، أخو بنى محارب بن فهر ، تلبسوا للقتال ، ثم خرجوا على خيلهم ، حتى مروا بمنازل بنى كنانة ، فقالوا : تهيئوا يا بنى كنانة للحرب ، فستعلمون من الفرسان